غايةُ الأمر أنّه يكون سلمةُ راوياً له مع سبرة ، وهو لا يرفع الإشكال.
وإنْ أُريد به ما لا يرجع إليه ، كفى في العلم بكذبه تحديدُه الحِلَّ بالثلاث.
وبهذا يُعلم كذبُ الأخير أيضاً.
وأمّا الثالث ؛ فلأنّه مرويٌ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، ومعلومٌ أنّه خلاف مذهبه ، وكيف يرويه وهو يقول : «لولا ما سبق من رأي عمر لأمرتُ بها ، ثمّ ما زنى إلاّ شقيّ» (١)؟!
أو كيف يرويه عنه ابنُ عبّاس ، ثمّ يبقى مُصِرَّاً على الحلّية حتّى يلقى من ابن الزبير ما يلقى (٢)؟!
وأما الرابع ؛ فلأنّ المتعة إذا كانت كالميتة والدم ولحم الخنزير ، كانت حراماً مطلقاً (٣) ؛ لأنّ الرخصة للضرورة لا تجعلها من قسم الحلال حتّى تُنسخ.
ولا يمكن إرادةُ نسخ الرخصة الناشئة من الاضطرار ؛ للعلم بثبوت
__________________
(١) انظر : مصنّف عبد الرزّاق ٧ / ٥٠٠ ح ١٤٠٢٩ ، تفسير الطبري ٤ / ١٥ ح ٩٠٤٣ ، تفسير الثعلبي ٣ / ٢٨٦ ، الدرّ المنثور ٢ / ٤٨٦ ، كنز العمّال ١٦ / ٥٢٢ ح ٤٥٧٢٨.
(٢) راجع ذلك في الصفحتين ٢٩١ ـ ٢٩٢ ، من هذا الجزء.
(٣) قال تبارك وتعالى : (إنّما حرّمَ عليكم المَيتةَ والدمَ ولحمَ الخنزير وما أُهِلَ به لغير الله فمَنِ اضطرّ غيرَ باغ ولا عاد فلا إثم عليه إنّ الله غفور رحيم) سورة البقرة ٢ : ١٧٣.
وقال عزّ وجلّ : (حرّمت عليكمُ المَيتةُ والدمُ ولحمُ الخنزير وما أُهِلَ لغير الله به ... فمَنِ اضطرّ في مخمصة غيرَ متجانف لإثم عليه فإنّ الله غفور رحيم) سورة المائدة ٥ : ٣.
وقال سبحانه : (وما لكم ألاّ تأكلوا ممّا ذُكر اسم الله عليه وقد فصَّل لكم ما حرَّمَ عليكم إلاّ ما اضطررتم إليه) سورة الأنعام ٦ : ١١٩.