رجل : رويدك! ... فإنّك لا تدري ما أحدث أميرُ المؤمنين في النسك بعدُ ؛ حتّى لقيه بعدُ فسأله ، فقال عمر : قد علمتُ أنّ النبيّ قد فعله وأصحابُه ، ولكن كرهتُ أن يظلّوا مُعرِّسين بهنّ في الأراك ، ثمّ يروحون في الحجّ تقطر رؤوسهم».
ونحوه في «صحيح النسائي» (١) و «مسند أحمد» (٢).
وهو أقبحُ من الحديث السابق ؛ فإنّه لو جاز تغيير الأحكام بالكراهة والرضا لَما بقي للإسلام رسمٌ ، ولا كان لله على عباده مزيةٌ ، ولا سيّما إذا جاز تغيير ما صرّح النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنّه إلى الأبد!
وليت شعري ، إذا غضب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على أصحابه لتردّدهم في ما أمر به من الإحلال في حجّة الوداع ـ كما رواه مسلم (٣) وأحمد (٤) عن عائشة ـ ، فكيف حالُه لو سمع أنّ عمر غيّر حكمه وحكم الله في كتابه المجيد ، وهدد على طاعتهما ومعصيته؟!
وروى الترمذي ـ وصحّحه (٥) ـ ، عن محمّد بن عبد الله : «أنّه سمع سعد بن أبي وقّاص والضحّاك بن قيس وهما يذكران التمتّع بالعُمرة إلى الحجّ ، فقال الضحّاك : لا يصنع ذلك إلاّ من جهل أمر الله.
فقال سعد : بئس ما قلت يا ابن أخي!
قال الضحّاك : فإنّ عمر بن الخطّاب قد نهى عن ذلك.
__________________
(١) سنن النسائي ٥ / ١٥٣.
(٢) ص ٤٩ و ٥٠ ج ١. منه (قدس سره).
(٣) في باب وجوه الإحرام [٤ / ٣٣ ـ ٣٤]. منه (قدس سره).
(٤) ص ١٧٥ ج ٦. منه (قدس سره).
(٥) في باب «ما جاء في التمتّع» من كتاب الحجّ [٣ / ١٨٥ ح ٨٢٣]. منه (قدس سره).
وانظر : مسند الربيع بن حبيب : ١٧٦ ح ٤٣٣.