التميمي لقيَنا فجعل يسألُنا عن تفسير حروف من القرآن.
فقال : اللّهمّ أمكنّي منه!
فبينا عمر يوماً جالس يُغدّي الناس إذ جاءه ضبيع ، وعليه ثياب وعمامة ، فتقدّم فأكل ، حتّى إذا فرغ قال : يا أمير المؤمنين! ما معنى قوله تعالى : (والذارياتِ ذَرواً * فالحاملاتِ وِقراً) (١)؟
قال : ويحك! أنت هو؟!
فقام إليه فحسر عن ذراعيه ، فلم يزل يجلده حتّى سقطت عمامته ، فإذا له ضفيرتان ، فقال : والذي نفسي بيده لو وجدتك محلوقاً لضربت رأسك.
ثمّ أمر به فجُعل في بيت ، ثمّ كان يخرجه كلّ يوم فيضربه مئة ، فإذا برأ أخرجه فضربه مئة أُخرى.
ثمّ حمله على قَتَب وسيّره إلى البصرة ، وكتب إلى أبي موسى أن يحرّم على الناس مجالسته ، وأن يقوم في الناس خطيباً ، ثمّ يقول : إنّ ضبيعاً قد ابتغى العلم فأخطأه.
فلم يزل وضيعاً في قومه وعند الناس حتّى هلك ، وقد كان من قبل سيّد قومه».
وليت شعري كيف يستحقّ من أخطأ طريق العلم هذا العمل الوحشي الفرعوني ، الذي اشتمل على أنواع المنكَرات وأعظم الموبِقات؟!
فإنّ غاية ما يُفرض أنّه يباح له تعزيره وتأديبه ، وقد عرفتَ أنّه
__________________
القرآن ٢ / ١٠ ، كنز العمّال ٢ / ٣٣١ ح ٤١٦١ وص ٣٣٣ ـ ٣٣٤ ح ٤١٦٩ و ٤١٧٠ ، روح المعاني ٢٧ / ٤.
(١) سورة الذاريات ٥١ : ١ و ٢.