الساعدي (١) وهو جالسٌ في نَدِيِّ (٢) قومِه وفي يد جبلة جامعةٌ ، فلمّا مرّ عثمانُ سلّم ، فردّ القومُ ، فقال جبلة : لم تردّون على رجل فعل كذا وكذا؟!
ثمّ أقبل على عثمان ، فقال : والله لأطرحنّ هذه الجامعة في عنقك أو لتتركنّ بطانتك هذه!
قال عثمان : أيُّ بطانة؟! فوالله إنّي لأَتخيّر (٣) الناس.
فقال : مروان تخيّرتَه ، ومعاوية تخيّرتَه ، وعبد الله بن عامر تخيّرتَه ، وعبد الله بن سعد تخيّرتَه ؛ منهم من نزل القرآن بذمّه ، وأباح رسول الله دمه.
فانصرف عثمان ، فما زال الناسُ مجترئين عليه إلى هذا اليوم».
وروى أيضاً (٤) حديثاً طويلا ، قيل لعثمان في آخره : «اعزل عنّا عمّالك الفسّاق ... واردد علينا مظالمنا!
قال عثمان : ما أراني في شيء إن كنتُ أستعمل من هويتم ، وأعزل من كرهتم».
وسيأتي أيضاً في المقام ما يدلّ على المطلوب.
__________________
(١) هو : جبلة بن عمرو الأنصاري الساعدي ، يقال : هو أخو أبي مسعود البدري ، كان فاضلا من فقهاء الصحابة ، وشهد صِفّين مع الإمام عليّ (عليه السلام) ، وسكن مصر.
انظر : الاستيعاب ١ / ٢٣٥ رقم ٣١٧ ، الإصابة ١ / ٤٥٧ رقم ١٠٨٢ ، التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ ٢ / ٢١٨ رقم ٢٢٥٢.
(٢) النَّديُّ والنادي ـ والجمع : الأندية ـ : مجتمعُ القوم وأهل المجلس ، ولا يسمّى نادياً حتّى يكون أهله فيه ، فهو المجلس ما داموا مجتمعين فيه ، فإذا تفرّقوا فليس بِنَديّ ، وقيل : هو مجلس القوم نهاراً.
انظر : لسان العرب ١٤ / ٩٨ مادّة «ندي».
(٣) كان في الأصل : «لا أتخيّر» ، وهو تصحيف ما أثبتناه في المتن من المصدر.
(٤) ص ١١٦ ج ٥ [٢ / ٦٦٤ حوادث سنة ٣٥ هـ]. منه (قدس سره).