وأمّا قوله : «ولا طعن في الإمام إذا نصب من رآه عدلا أهلا للإمارة ...» إلى آخره ..
فصحيحٌ ، لكن لا يصحُّ في أكثر ولاة عثمان!
ليت شعري ، كيف كان الوليد عدلا عند عثمان وقد شهد الله سبحانه في كتابه العزيز بفسقه مرّتين (١)؟!
وكان من أشهر الناس في الفسق ، وأوضحهم حالا في سوء الأعمال ، حتّى قال له سعد بن أبي وقّاص لمّا عزله عثمان بالوليد : ما أدري ، أصَلَحتَ بعدنا أم فسدنا بعدك؟! كما في «شرح النهج» عن «الأغاني» (٢).
وذكر أيضاً أنّه قال له في رواية : ما أدري ، كِستَ (٣) بعدنا أم حَمُقْنا بعدك؟!
فقال : لا تجزعنّ! فإنّه المُلكُ ، يتغدّاه قومٌ ويتعشّاه آخرون.
فقال سعدٌ : أراكم والله ستجعلونه مُلكاً (٤).
ومثله في «الاستيعاب» بترجمة الوليد (٥) ، وفي «كامل» ابن الأثير (٦).
وقال له ابن مسعود ـ كما في هذين الكتابين ـ : ما أدري ، أصَلَحتَ بعدنا أم فسد الناس (٧)؟!
__________________
(١) راجع ما تقدّم في الصفحتين ٤١٠ و ٤١١ ، من هذا الجزء.
(٢) انظر : شرح نهج البلاغة ١٧ / ٢٢٨ ، الأغاني ٥ / ١٣٦.
(٣) الكَيس : الخِفّة والتوقد في الذهن والعقل والفطنة ، وهو خلاف الحُمْق.
انظر مادّة «كيس» في : لسان العرب ١٢ / ٢٠١ ، تاج العروس ٨ / ٤٥٣ ـ ٤٥٤.
(٤) انظر : شرح نهج البلاغة ١٧ / ٢٢٩ ، الأغاني ٥ / ١٣٧.
(٥) الاستيعاب ٤ / ١٥٥٤.
(٦) ص ٤٠ ج ٣ [٢ / ٤٧٧ حوادث سنة ٢٥ هـ]. منه (قدس سره).
(٧) الاستيعاب ٤ / ١٥٥٤ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٤٧٧.