إنّ المأمون إن لم يكن من الشيعة ، فلا عبرة بتكذيبه لهم ؛ لأنّ قول العدوّ بعدوّه غيرُ مقبول من دون حجة.
وإن كان منهم ، فالرواية عنه كاذبةٌ ؛ إذ يمتنع أن يكذب الشخصُ في نقص أهل مذهبه من دون ضرورة.
نعم ، إذا أراد المأمون بالروافض من رفض الحقّ ، وهم السنة ، كان صواباً ؛ فإنّ الموضوعاتِ جلُّ أخبارِهم ، والكذبةَ أكثرُ رواتِهم ، كما عرفته في مقدّمة الكتاب من أحوال خير رجالهم ، وهم رجال صحاحهم الستّة (١).
وقد قالوا : «إنّ الحديث الصادق في الحديث الكاذب ، كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود» (٢).
ويكفيك في معرفة كذبهم ، مشاهدة كذبات هذا الرجل سابقاً ولاحقاً وفعلا.
وقد اتّضح ممّا ذكرناه في جميع المباحث ، أنّ المصنّف (رحمه الله) إنّما ينقل مثالب أئمتهم من كتبهم ، فإن كان المنقول كذباً فهو منهم وعليهم ، وإن كان صدقاً ، ثبت المطلوب!
ومجرّد كونه لا يقبل التأويل لا يقتضي كذبه ، بل هو ألزم لهم وأَوْلى بتقريعهم!
ثمّ إنّ المصنّف (رحمه الله) لم يدّع أنّه لا ينقل إلاّ عن صحاحهم ، حتّى يطالبه الخصم به.
__________________
(١) راجع : ج ١ / ٤١ ـ ٢٨٦ ، من هذا الكتاب.
(٢) انظر : شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٩ / ١٠٥.