لهم ، لا دلالة فيها على ما نسبوه إلى أبي ذرّ من إيجاب بذل الأغنياء أموالهم إلى الفقراء ؛ إذ غايةُ ما تدلُّ عليه رجحانُ عدم اقتصار الأغنياء على الزكاة ، وهو مما لا ريب فيه لكلّ مسلم.
فكيف صار به أبو ذرّ مخالفاً للأُمّة ، وخاف منه بنو أُميّة على مملكتهم ، واقتُضي تسييره؟!
ولو سُلّم ظهورها في الوجوب ، وحرمة كنز الزائد على الزكاة والحاجة ، فهي من روايات السَّرِيّ ، وهو ـ على الظاهر ـ : ابنُ عاصم بن سهل ، مؤدّبُ المعتزِّ بالله ، وهو من النواصب المعاندين ، كما تشهد به رواياته التي يكتب بها إلى الطبريّ في «تأريخه» ، وكان ـ أيضاً ـ من الكذّابين (١) ..
فقد حكى الذهبيّ في «ميزان الاعتدال» تكذيبه عن ابن خِراش ، وحكى عن ابن عديّ أنّه وهّاه وقال : يسرق الحديث (٢).
مع أنّه قد روى تلك الأخبار عمّن هو أسوأ منه ، كسيف (٣)
__________________
(١) انظر : المجروحين ـ لابن حبّان ـ ١ / ٣٥١ ، تاريخ بغداد ٩ / ١٩٣ رقم ٤٧٧٠.
(٢) ميزان الاعتدال ٣ / ١٧٤ رقم ٣٠٩٢ ، وانظر : الكامل في ضعفاء الرجال ـ لابن عديّ ـ ٣ / ٤٦٠ رقم ١٤٢ / ٨٧٤.
(٣) هو : سيف بن عمر الضبّي التميمي ؛ ضعّفه ابن معين وأبو داوود وأبو حاتم والنسائي والعقيلي والدارقطني وابن الجوزي ، واتُّهم بوضع الحديث والزندقة.
انظر : تاريخ ابن معين ١ / ٣٣٦ رقم ٢٢٦٢ ، الجرح والتعديل ٤ / ٢٧٨ رقم ١١٩٨ ، الضعفاء والمتروكين ـ للنسائي ـ : ١٢٣ رقم ٢٧١ ، المجروحين ـ لابن حبّان ـ ١ / ٣٤١ ، الضعفاء الكبير ـ للعقيلي ـ ٢ / ١٧٥ رقم ٦٩٤ ، الضعفاء والمتروكين ـ للدارقطني ـ : ١٠٤ رقم ٢٨٣ ، الضعفاء والمتروكين ـ لابن الجوزي ـ ٢ / ٣٥ رقم ١٥٩٤ ، ميزان الاعتدال ٣ / ٣٥٣ ، تهذيب التهذيب ٣ / ٥٨٣ رقم ٢٨٠٠.