قال : كيف تصنع إذا أُخرجت منه؟!
قلت : آتي الشام الأرض المقدّسة المباركة.
قال : كيف تصنع إذا أُخرجت منه؟!
قلت : ما أصنع؟! اضرب بسيفي!
فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : ألا أدلّك على ما هو خيرٌ لك من ذلك وأقرب رشداً؟! تسمع وتطيع ، وتنساق لهم حيثُ ساقوك».
ونحوه في أوّل أحاديث أبي ذرّ (١).
وكذا عن أسماء بنت يزيد (٢) ، إلاّ أنّ في هذه الرواية أنّ أبا ذرّ لمّا قال : آخذ سيفي فأُقاتل ؛ كَشَرَ (٣) إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وقال : «ألا أدلّك على خير من ذلك؟!
قال : بلى.
قال : تنقاد لهم حيث قادوك ، وتنساق لهم حيث ساقوك ، حتّى تلقاني وأنت على ذلك».
وهذه الأخبار التي حكيناها عن أحمد ، كما تدلّ على نفي أبي ذرّ وسوقه بغير اختياره من المدينة إلى الشام ، ومنه إليها ، ومنها إلى الربذة ، تدلّ على ظلم من نفاه ، واستحقاقه القتل ، كما فهمه أبو ذرّ ، وقال : «أضربُ بسيفي» ، ولم ينكر عليه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بل كشَرَ إليه.
لكنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لمّا علم أنّه لا يقدر على الدفع عن نفسه ، وأنّه
__________________
(١) ص ١٤٤ ج ٥. منه (قدس سره).
(٢) ص ٤٥٧ ج ٦. منه (قدس سره).
(٣) الكَشرُ : بُدوُّ الأسنان عند التبسّم والضحك وغيرهما ؛ انظر : لسان العرب ١٢ / ١٠٠ مادّة «كشر».