أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) نحلها فدك من يوم ملَكها ، ثمّ يشهد لها بذلك أمير المؤمنين (عليه السلام)؟!
وكيف لا تنعى عليها (١) عائشة هذه الدعوى نصرةً لأبيها؟!
وأمّا قوله : «ولم يكن سعةٌ في أموال الفيء حتّى ينفق الخليفة على أزواجه من سائر جهات الفيء ويترك فدك لفاطمة» ..
فعذرٌ بارد ؛ لأنّ الحقوق الشرعيّة لم تكن تضيق عن نفقة أزواج النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) التي تعوّدن عليها في أيامه.
ولا أظنّ أنّها كانت في ذلك الوقت تبلغ ما أعطاه جابرَ بن عبد الله في أيّام وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لمّا جاءه مال البحرين ، فإنّه أعطاه ألفاً وخمسمئة درهم ، كما رواه البخاري (٢) ، ومسلم (٣) ، وأحمد في «مسنده» (٤).
وكذا أعطى غيرَه نحو ذلك ..
ففي «كنز العمّال» (٥) ، عن ابن سعد : «سمعت منادي أبي بكر ينادي بالمدينة حين قدم عليه مال البحرين : مَن كانت له عِدَةٌ عند
__________________
(١) نعى عليه الشيء ينعاهُ : قبّحه وعابه عليه ووبّخه ، ونعى عليه ذُنوبه : ذَكرها له وشَهَره بها ، وأَنعى عليه ونَعى عليه شيئاً قبيحاً إذا قاله تشنيعاً عليه ، والناعي : المشنّع ؛ انظر : لسان العرب ١٤ / ٢١٧ مادّة «نعا».
(٢) في باب ما أقطع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) من مال البحرين ، في أواخر كتاب الجهاد [٤ / ٢١٠ ح ٧] ؛ ورواه أيضاً قبله بيسير ـ من طرق عديدة ـ في باب «ومن الدليل على أنّ الخمس لنوائب المسلمين» [٤ / ١٩٧ ح ٤٤]. منه (قدس سره).
(٣) في كتاب الفضائل في باب ما سُئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شيئاً قطّ فقال : لا [٧ / ٧٥ ـ ٧٦]. منه (قدس سره).
(٤) ص ٣١٠ ج ٣. منه (قدس سره).
(٥) ص ١٣٤ ج ٣ [٥ / ٦٢٦ ح ١٤١٠٢]. منه (قدس سره).
وانظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٢ / ٢٤٣.