وحال محاريب مساجدهم ، وذبحهم ونحرهم ، وحال وضع خلائهم ، ووظائفهم المقرّرة في دعواتهم ، وأذكارهم ، وأعمالهم ، إلى غير ذلك.
ولا يجب الاستقصاء لتحصيل العلم بالنّسبة إلى الوارد إلى البلد ، ولا بالنّسبة إلى من كان من أهل البلد في غير محلّه بحيث يعسر عليه العلم.
وأمّا من كان في محلّه ، ويتيسّر عليه العلم ، فإنّه يجب عليه تحصيله.
ثالثها : بالنّسبة إلى أوساط العراق كالكوفة ، وما سامتها من موصل ، وما حاذاها إلى الحِجاز ، وقبلتهم الرّكن المشرقيّ المحاذي لمقام الحنبلي وبئر زَمزَم على ما قيل. والذي ظهر لي بعد الاختبار أنه بين المشرقي الذي فيه الحجر ، وبين الرّكن المسمّى بالشامي.
وعلامتها : جعل الفجر الاعتدالي على المَنكِب الأيسر ، والمغرب الاعتدالي على المَنكِب الأيمن ، ووضع الجَدي عند غاية ارتفاعه أو انخفاضه بحذاء المَنكِب الأيمن ، وعين الشمس في ابتداء الزوال على ما يميل من منتصف ما بين الحاجبين إلى الجانب الأيمن.
وأوثق منهما : نجم خفيّ يُدركه حديد النظر يدور عليه الجَدي ، ولا تظهر للحسّ حركته ، إذا وضع على المَنكِب الأيمن ؛ لأنّه في محلّ القطب.
وقد تُعرف بمجاري القمر ، وبعض الكواكب السيّارة ، والفَرقَدين ، وبنات النّعش ، ومهبّ الرّياح بوضع الدُّبُورُ مقابله ، والصّبَا خلفه (١) ، والشّمال على يمينه ، والجَنُوب على يساره ، والتأمّل في أوضاع القمر في ليالي الشّهر ، وملاحظته على النّسبة ، ولا ضابطة لأكثرها.
والذي يظهر من النظر في سيرة المسلمين خَلَفاً بعد سَلَف من عدم التدقيق في أمر القبلة ، وخلوّ الخُطَب والمواعظ من الحثّ عليها ، وعدم التعرّض في الأخبار مع عموم البلوى بها لعلاماتها إلا فيما نَدَر ، ولا للإلزام بالقضاء مكرّراً من جهتها ، وممّا يظهر
__________________
(١) الدّبور : وزان رسول ، ريح تهبّ من جهة المغرب تقابل الصّبا ، ويقال : تُقبل من جهة الجنوب ذاهبة إلى المشرق ، المصباح المنير : ١٨٩. والصبا : وزان العصي ، الريح تهب من مطلع الشمس. المصباح المنير : ٣٣٢.