والأوصياء دخلوا في حزب الشهداء. ولا يلزمهم دفع الأعداء بالقدرة الإلهيّة ، ولا بالدّعاء. ولا يلزمهم البناء على العلم الإلهي ، وإنّما تدور تكاليفهم مدار العلم البشري. فلا يجب عليهم حفظ النفس من التلف مع العلم بوقته من الله تعالى ، فعلم سيّد الأوصياء بأنّ ابن مُلجَم قاتلُه ، وعلم سيّد الشهداء عليهالسلام بأنّ الشمر لعنه الله قاتلُه مثلاً مع تعيين الوقت لا يوجب عليهما التحفّظ ، وترك الوصول إلى محلّ القتل.
وعلى ذلك جَرَت أحكامهم وقضاياهم ، إلا في مقامات خاصّة ، لجهات خاصّة. فإنّهم يحكمون بالبيّنة واليمين ، وإن علموا بالحقيقة من فيض ربّ العالمين.
فإصابة الواقع ، وعدم إمكان حصول الخطأ والغفلة منهم بالنّسبة إلى الأحكام ، وبيان الحلال والحرام ، وأنّ المدار في ذلك على العلم الإلهي إنّما استُفيد من حكم العقل والنقل.
وأمّا ما كان من الأُمور الوجوديّة دون العمليّة ، أعمالاً وشروطاً ، فالأقوى أنّ مدارها على العلم الإلهي (١) ؛ لأنّ وقوع ذلك منهم مُنفّر للطباع ، باعث على عدم الاعتماد ، فلا يقع منهم نوم عن فريضة ، ولا جهل ، ولا غفلة ، ولا نسيان ، ولا عن طهارة حدثيّة ، ونحوها من الشرائط الوجوديّة بالنّسبة إلى الصلاة والصيام ، وغيرها من الأحكام ، كالحلال والحرام ، إلا ما قام فيه الحكم الشرعيّ مقام الواقعيّ ، فإنّ الجهل بالواقع ليس فيه بأس.
وأمّا العلميّة ؛ فمدارها على العلم البشري ، دون الإلهي ؛ إذ لا يلزم من عدم الإصابة تنفّر النفوس ، ولا زالوا ينادون بأنّه لا يعلم الغيب إلا الله تعالى.
فنجاسة الثياب والبدن ليس مدارها على العلم الإلهي.
وأمّا حصول التحيّر بالنّسبة إلى العلم البشري ، والخطأ بالنّسبة إلى ما بين المشرق والمغرب ، فلا يبعد القول بتنزيههم عنها ، نظراً إلى أنه بدونه ينجرّ الأمر إلى عدم الاعتماد على أقوالهم وأفعالهم.
فيدور الأمر في هذا القسم وما قبله على لزوم النقص وعدم الاعتماد ، وعدمهما.
__________________
(١) في «م» ، «س» زيادة : إنما استفيد من حكم.