المبحث الخامس : في بيان السرّ في أجزائها وما دخل أو أشبه الداخل فيها ، وهي أُمور :
أوّلها : النيّة
والسرّ فيها واضح ؛ لتوقّف الاتصاف بالعبوديّة ، والطاعة ، والامتثال ، والانقياد ، والتسليم ، والائتمار ، والخوف ، والرجاء ، وسائر الخِلال المطلوبة لربّ العزة والجلال ، عليها.
ثانيها : تكبيرة الإحرام
والسرّ فيها بحسب ذاتها : استحضار العظمة عند مبدأ الدخول ؛ ليحصل تمام الخضوع والتذلّل (ويحصل الربط ، والإلزام) (١) وتتأكد الرغبة في الإتيان بها.
ورفع اليدين فيها ؛ لتظهر العظمة إذا ارتفعت اليدان ، كما تظهر باللسان ، وعدم رفعهما فوق الرأس ؛ حذراً من تجاوز محلّ التذلّل ، وهو الرأس.
وضمّ الأصابع فيها كسائر التكبيرات ، ووضعها حيال الركبتين ؛ لأنّ العبد يتضامّ بين يدي مولاه ، ويضع يديه على ذلك النحو ، وتقارن التكبير بالرفع ؛ للانطباق بين العلّة والمعلول.
ثالثها : القيام
والسرّ فيه : أنّ أوّل مراتب خضوع العبيد لمواليهم الوقوف بين أيديهم ، واعتداله واستقراره فيه من تمام العبوديّة ، ولأنّه مقدّمة لخضوع الركوع والسجود. وإبقاء اليدين ممدودتين من تمام الاستعداد للخدمة ؛ لأنّ الغالب فيها مباشرة اليدين.
ثمّ إنّ الذي أخذ عليه الخوف يرخي يديه.
وفي قول : «بحول الله تعالى وقوّته» عند القيام إرشاد إلى العجز عن القعود ، فضلاً عن القيام وغيره ، إلا بمعونته.
وتخصيص التسميع بحال القيام ؛ لأنّه دعاء ، فيؤتى به حال القيام تواضعاً ، ولأنّه
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».