الأوّل : في حدوثه
لا ريب أنّه من مَقولة الأصوات ، وهي من الأعراض الطارئة على الذوات ، المتخيّل وجودها مع عدمها ، والحروف الناشئة عن تقطيع تلك الأصوات ، والكلمات المركّبة من تلك الحروف والحركات ، مع الهيئات. فهو من المخلوقات المُحدثات ، ولا يمكن وجوده إلا في بعض الجسميّات.
والكلام النفسي كاللفظي من المركّبات ؛ لأنّ هذه الألفاظ الصوريّة منطبقة على التصوريّة ، فحقيقة الكلام لا تخرج عن الوجهين المذكورين ، على أنّه مَجاز في القسم الثاني ، وإلا دخلت في العلم والإدراك ، وليسا من الكلام بلا كلام.
فلو جازَ القِدَم في الأصوات والحروف والكلمات ، لجازَ القِدَم في جميع أنواع المركّبات. ومن تتبّعَ الأخبار ، ظهرَ له ذلك ظهور الشمس في رائعة النهار.
المبحث الثاني : في إعجازه
أصل الإعجاز في الجملة ممّا أذعنت به فُصحاء اليمن ، ونجد ، والعراق ، والحجاز. واختاروا المُحاربة ؛ عجزاً عن المُعارضة.
وهو ممّا اتفقت عليه كلمات أهل الإسلام ، وتواترت به أخبار النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة عليهمالسلام ، ودلّ عليه صريح الكتاب.
ولا يلزم من ذلك دور ؛ لأنّ طريق إثبات النبوّة غير مُنحصر فيه.
وإنّما الكلام في أنّ إعجازه للصرف عن مباراته ، أو لما اشتمل عليه من الفصاحة والبلاغة في سوره وآياته؟
ثمّ هل ذلك من مجموع المباني والمعاني ، أو في كلّ واحد منها؟
وهل ذلك مخصوص بالجملة ، أو يتمشّى إلى السور الطوال ، أو إليها وإلى القصار؟ وهل يتسرّى إلى الآيات أو لا؟ وأمّا الكلمات والحروف فلا.
ولا يبعد القول بالصرفة بالنسبة إلى بعض السور القصار ، وبالأمرين معاً في حقّ