الكبار ، أو المجتمع عن الصغار.
وربّما يوجّه بذلك التّعجيز بسورة مرّة ، وبعشر أُخرى ، وإن كانت له وجوه أُخر.
وقد يقال : بثبوت الإعجاز في صغار السور إذا ظهر ما اشتملت عليه من الحكم ، وكان يظهره لمن ينكره.
المبحث الثالث في كيفيّة الخطاب به
قد دلّت الأخبار على تقدّم خَلقه على زمان البِعثة بما لا يخفى على الأعوام ، فلا معنى لتوجيه الخطاب حين الخلق إلى أهل الإسلام ، فيكون حينئذٍ خطاب وضع ، لا خطاب مُشافهة إلى حين حمل جبرئيل ، ثمّ بتلاوته على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يكون جبرئيل مُخاطباً له ؛ إذ من البعيد أن يقال بخَلقه مرّة ثانية على لسانه ، وإنّما هو حاكٍ للخطاب.
ثمّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أيضاً حاكٍ ؛ لبُعد كونه مَخلوقاً مرّة ثالثة على لسانه على نحو الخلق الأوّل ، فهو المخاطب حينئذٍ للمكلّفين.
فعلى مذهبنا من اشتراط موجوديّة المخاطب ، وحضوره ، وسماعه ، وفهمه ، وإقباله ، كما دلّ عليه صريح العقل ، لا يكون الخطاب من الله خطاب شفاه ، وكذا من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالنسبة إلى الأعقاب ، وجميع من لم يكن حاضراً وقت الخطاب (فالبحث في خطاب المشافهة مبنيّ على خطاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم للحاضرين على وجه الرسالة) (١) وإنّما تسرية الأحكام بنصّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة عليهمالسلام.
ولو كان وضعه لأعلى وضع المراسلات ، بل على وضع الصكوك والسجلات ، ساوى الحاضرون الغائبين.
غير أنّ الأوّل أقرب إلى الصواب ، ولذلك أدخلوه في مُشافهة الخطاب ، وجعلوا
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».