ناحية مادية ، أم كمالاً من ناحية معنوية ، فانها لم تكتسبه إلاّ في عصور حياتها الأخيرة ، لا حياتها البدائية ، سواء أقلنا : إن الحياة البشرية البدائية بدأت برسول من الله سبحانه وتعالى كما تقوله الأديان السماوية ، أو قلنا : إن الإنسان قد مرّ بأشواط وأشواط طويلة قد يؤرّخونها بملايين السنين ، وقد يؤرّخون أسلاف الإنسانية ، وأنا أستميحكم عذراً حينما أقول بأسلاف الإنسانية ، سواءاً أكانوا يشبهون مثلاً القردة أو نفس القردة أنفسهم أو موجودات أخر ، فقد مرّ على الإنسانية شوط طويل إن لخصناه بامكاننا أن نقول كل ما امتدّ بها الزمن تكاملت عندها خصائصها الخاصة بها.
فكما يقولون ـ لا أقول : بأن هذا صحيح مائة بالمائة ، ولكني أحكي ما يقولون ـ بأن الإنسانية بدأت على ظهر هذا الكواكب تعيش من حيث المأكل كما يعيش سائر الأحياء ، فقد كانت تشترك مع القردة أو الدببة التي كانت تأتي إلى الساحل المائي ، فكان الدبّ يستعين بمخالبه فيصيد سمكة ويأكل كما يقولون ، وأن الإنسان البدائي كان يأخذ حجراً فيقف راصداً سمكة تمر عليه فيرميها بحجر ويصطادها.
والآن حينما نأتي إلى أواخر عصور الإنسانية حتى في التاريخ المجمل المبهم لها ، نجد أن الإنسانية تستقبل الكمال ولا تستدبره.
فالتكامل يكون في مستقبل حياة الإنسانية ، والدين الذي يكون لمستقبل حياة الإنسانية وحتى الشوط الأخير من هذه الحياة التي لا ندري متى يأتي ذلك الشوط الأخير ومتى يكون ، ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلا مَن شَاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ