والهدف ، هذا الوعد لا يمكن أن يتحقّق إلاّ على يد آخر حجج الله ، وهذا الآخر الذي ولد قبل ألف وحدود المائة أو يقرب من المائتين ، هذا الوعد لا بد أن يتحقق على يد هذا ، لأنه آخر الحجج ، ولن يرسل الله رسولاً ، لأن نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم خاتم النبيين ، ولن يأتي بإمام يعيش عيشته الأولى في هذه الأرض ، لا العيشة بعد الرجعة لمن آمن بالرجعة ، يعيش عيشته الأولى في هذه الأرض لن يأتي به ، لماذا ؟ لأن عدد الأئمة عنده اثنا عشر إمام ، ومهدي هذه الأمة آخر الأئمة ، فهذا الوعد لا يمكن أن يكون وعداً صادقاً ، وهو مما نقطع بصدقه ، إلاّ أن يكون لمهدي هذه الأمة غيبة تفصل بين مولده وبين ظهوره وإنجاز وعد الله سبحانه وتعالى على يده ، سواء في ذلك طالت الغيبة أم قصرت ، كوعد الله سبحانه وتعالى : ( قَالَ مَن يُحْيِي العِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ) (١) ، أما بعد مضي كم فترة ؟ قد تكون مليون سنة ، نحن لا ندري الفاصل بين أول نسل للانسانية وبين آخر عصور الإنسانية وبين حشرها بعد موتها وهو حشر تحشر فيه الإنسانية كلها ، كم مدّة من الزمن ؟ ألف سنة ؟ مائة ألف سنة ؟ مليون سنة ؟ لا ندري ، ولكن وعد الله صادق ( لَن يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ ).
إذن فغيبة مهدي هذه الأمة غيبة لابدّ منها ، لأنه مهدي هذه الأمة ، ولأن وعد الله سبحانه وتعالى صادقٌ صريحٌ قاطع ، الذي أكده في آيات كريمة مختلفة وبألفاظ وتعابير مختلفة قد تختلف باللفظ وتتّفق في المغزى ، هذا الوعد لن يكون وعداً منجزاً إلاّ إذا كان لمهدي هذه الأمة غيبةٌ تفصل بين ولادته وبين ظهوره بما وعد الله سبحانه وتعالى به.
__________________
(١) سورة يس : ٧٨ ـ ٧٩.