المطلب الخامس : في أصناف المستحقّين وهم ثمانية
الأوّل والثاني : الفقراء والمساكين
وهما كالظرف والجار والمجرور إذا اجتمعا افترقا ، وإذا افترقا اجتمعا ، فلمّا ذكرا معاً في مصرف الزكاة صارا متغايرين في المعنى.
والشرط فيهما عدم ملكية ما يقوت به سنته لنفسه وعياله الواجبي النفقة شرعاً أو عرفاً ، ومنهم الضيوف إن كان من أهلها ، زائداً على الديون حالّة ومؤجّلة ، وعلى المستثنيات في الديون من فرس الركوب ، وعبد الخدمة ، والجارية ، والفرش ، وكتب العلم ، لمن كان من أهلها ، بما يناسب حاله ، من عددها وكيفيّتها ، ودار السكنى ، والظروف والآلات المحتاج إليها في البيوت ، وثياب العادة ، وثياب الزينة وحُليّها ممّا يناسب حال المالك فيهنّ ، وما يحتاجه من الات الصنائع ، وعقار ، ورأس مال يستنميها ، ولا يزيد نماؤها على قوت السنة ، ولا ينكر عليه في تبعيتهما ، ومال موجود لا يتمكّن من التصرّف به ، ولا الاقتراض عليه ، ومال تعلّقت به حقوق واجبة من نذور وعهود ونحوها ، ولا يزيد الفاضل على مئونة السنة. وأن لا يكون صاحب صنعة أو حرفة تفي بمئونته ، ولو على التدريج عاما تامّاً ، دون من لم يكن له حرفة وصنعة ، كأُجَراء الصلاة والصيام والحجّ ونحوها ، ما لم يكن صنعة كسائر الصنائع.
والبناء على اختلاف الأحوال والأطوار ، فقد يُعدّ صاحب الخمسين غنيّاً ، وصاحب الألف فقيراً ، فيلاحظ الحال في المأكول ، والملبوس ، والمفروش ، والمركوب والمسكن ، وغيرها ؛ كيفيّةً ، وكميّة ، وارتفاعاً واتضاعاً ، ونحوها على نحو ما تقدّم. ووجود ما يناسبه منها لا ينافي فقره ؛ لأنّها وإن تضاعفت قيمته لزمته ، أو للزوم حاجته إليها لا يعدّ من الغنى ، وكذا صداق التزويج ممّا يوافق حاله مع الحاجة إليه.
والمشغول بطلب العلم فقير ، وإن كان ذا صنعة تعارض تحصيله ، ولو تعيّن عليه طلب العلم ، وانحصر طريق معاشه بها وبأمثالها ؛ أو كان شديد الحاجة جدّاً لا يمكنه