سابعها : أنّ المستنبط من نفس الموقوف قد يملك بالفصل ، مع أنّه كان وقفاً حال الوصل ، كالتراب المفصول من أراضي الأوقاف العامّة عدا المساجد فإنّه يعود ملكاً ، ويُباع على حاله أو بعد صيرورته أجراً (١) أو ظروفاً أو نحوها ، وعظام الفيل ، وبعض الحيوانات.
فلا بأس ببيع التربة الحسينيّة مع الفصل ، حيث نقول بأنّ أرض كربلاء وقف ، ولا بملكية الظروف المصنوعة ، والآجُرّ المتّخذ من أرض النجف ، وإن صحّ أنّها وقفها الدهاقين (٢).
كما أنّه لا بأس بصنيع مثل ذلك من المشتركات ، كالطرق النافذة ، والأسواق ، والمقابر ، والأرض المفتوحة عنوة ، فإنّها إذا فصلت تغيّر حالها كتغيّر الات الوقف إذا بطل الانتفاع بها.
ثامنها : أنّ الوقف العامّ إذا تمّ وقفه انسلخ عن حكم الواقف ورجع إلى الله على نحو المباحات ، ولا يمضي له حكم إلا فيما شرطه ؛ لأنّه بعد الانسلاخ من الملكيّة ، والخروج عن يد المالك ساوى من لم يكن مالكاً.
والاستصحاب بعد تغيّر الموضوع لا يُنظر إليه ، والتقييد لا يفيد شيئاً ، فمرجعه على تقدير التقييد فضلاً عن الإطلاق إلى المجتهد ؛ لأنّه بعد الخروج عن يد الواقف وفقد المتولّي لا متولّي سواه.
فإذا رأى الصلاح في هدم دار وجعلها حمّاماً ، أو حمّام وجعله داراً ، كان له ذلك ، أمّا بعد الخراب أو التعطيل فلا تأمّل ، ويقوى في غيره ذلك. وأمّا مع الشرط
__________________
(١) الآجرُ : اللّبن إذا طُبخ ، بمدّ الهمزة والتشديد أشعر من التخفيف الواحدة آجرّة ، معرّب. المصباح المنير : ٦.
(٢) الدهقان : يطلق على رئيس القرية وعلى التاجر وعلى من له مال وعقار ، والجمع دهاقين بضم الدال وكسرها. المصباح المنير : ٢٠١.