وهذا القسم أفضل أقسام الجهاد ، وأعظم الوسائل إلى ربّ العباد ، وأفضل من الجهاد لردّ الكفّار إلى الإسلام ، كما كان في أيّام النبي عليه وإله أفضل الصلاة والسلام.
ومن قُتل في تِلكَ الأقسام ، يقف مع الشهداء يوم المحشر ، والله هذا هو الشهيد الأكبر ، فالسعيد من قُتل بين الصفوف ، فإنّه عند الله بمنزلة الشهداء المقتولين مع الحسين عليهالسلام يوم الطفوف ، قد زُخرفت لهم الجنان ، وانتظرتهم الحور والولدان ، وهم في القيامة أضياف سيّد الإنس والجانّ.
فمن عَلِمَ بأنّه يَجب عليه أن يقبل منّي الكلام ، ويأخذ عنّي الأحكام الواردة عن سيّد الأنام ، فليخرج سيفه من غمده ، ويرفع رمحه من بعده ، وينادي بأعلى صوته : أين غِيرَة الإسلام؟ أين الطالبون بثارات شريعة سيّد الأنام؟ أين من باعوا أنفسهم بالجنان والحور والولدان ، وفي رضا (١) الربّ الرؤوف الرحمن؟ أين عبيد سيّد الأوصياء؟ أين الطالبون لأن يكونوا من شهداء كربلاء؟ أين الدافعون عن شريعة سيّد الأُمم؟ أين الذين روي في حقّهم : أنّ أكثر أنصار صاحب الأمر العجم (٢).
خامسها : جِهاد الكُفر والتوجّه إلى محالّهم ، للردّ إلى الإسلام ، والإذعان بما أتى به النبيّ الأُمّي المبعوث من عِند الملك العلام ، عليه وآله أفضل الصلاة والسلام.
وهذا المقام من خواصّ النبيّ والإمام ، والمنصوب الخاصّ منهما ، دون العام ؛ ويختصّ به بعض الأحكام ، كما سيجيء بيانه في تفصيل الأقسام ، وباقي الأقسام يشترك فيه جميع الأنام.
فكلّ من هذه الأقسام الخمسة مندرج في الجهاد على سبيل الحقيقة ، ويجري على قتلاهم في المعركة حُكم الشهيد في الدنيا والآخرة ، فيثبت لهم في الآخرة مع خلوص
__________________
(١) في «ح» : ورضا.
(٢) إثبات الهداة ٧ : ٩٢ ح ٥٤٠ ، بحار الأنوار ٥٢ : ٣٦٩ ، وص ٣٧٠ ب ٢٧ ح ١٥٧.