والرّجل في مشيها ، وسائر حضور الأعضاء في باب السلطان متهيئة لخدمته ، إن أمرها بحَسَنٍ فعلَته ، أو نهاها عنه تجنّبته ، أو دعاها إلى قبيح أطاعته ، أو نهاها عنه تركته.
فإن لم يقع اختلال في السلطان ، لاختلال المُرشد أو لضعفه ، وعدم الاستماع له ، لم يقع اختلال في الرعيّة ، وإلا اختلّت.
فلا تفعل الأعضاء فعلاً إلا عن أمر السلطان ، بل في الحقيقة هي بمنزلة الآلات ، وحالها كحال الجمادات ، وتعلّق المؤاخذة بها كتعلّقه بها ، فكلّ صلاح وفساد ينتهي إليها ، ولا مؤاخذة فيه إلا عليها ، فكلّ قبيح يصدر من الإنسان مرجعه إلى النفس الأمّارة والشيطان ، وكلّ أمر من الأُمور الحسان مرجعه إلى العقل ومعونة الملك الديّان.
المبحث الثامن : في تقسيم المعاصي وجميع الذنوب والخطايا بين قسمين :
الأوّل : ما يتعلّق بالنفس ويصدر عنها من دون واسطة الجوارح ، وإن توقّفت المؤاخذة في بعضها على الإظهار ، كفساد العقيدة ، والكِبر ، والحسد ، والعُجب ، الرياء ، وبُغض أولياء الله ، وبُغض المؤمنين ، وحُبّ الدنيا المضادّة للاخرة ، وحُبّ الرئاسة ، والتفكّر في طريق الاهتداء إلى المظالم والحيلة والتزوير ، إلى غير ذلك.
الثاني : ما يتعلّق بها بواسطة الجوارح ، كالزنا ، واللواط ، والاستمناء ، والوطء في الحيض ، ونحوها ممّا يتعلّق بالفروج. والسبّ ، والشتم ، والقذف ، والكذب ، والغيبة ، والنميمة ، والهجاء ، والغناء ، ، والبهتان ممّا يتعلّق باللسان.
والنظر إلى عورات غير الأزواج ، ونحوها ، والنظر بشهوة إلى الذكور المُرد الحسان ، وإلى الأجنبيّات من النسوان ، ونحوها ممّا يتعلّق بالعينين.
واستماع الملاهي ، والغناء ، والغيبة ، ونحوها ممّا يتعلّق بالأُذنين.
والضرب للمظلومين ، وقتلهم ، وأخذ المال الحرام ونحوه ممّا يتعلّق باليدين.
وأكل الحرام وشربه وابتلاعه ، وأكل النجس ، ونحوها ممّا يتعلّق بالبطن. ومثله ويجري في باقي الجوارح.
وكلّ من القسمين ينقسم إلى قسمين : معاصي صغار وكبار.