الباب الثالث : في بيان الشروط
قد تقدّم بيان أقسام الجهاد ، وذكرنا أنّها تقع على وجوه خمسة : هي ما يكون لحفظ بيضة الإسلام إذا أراد الكفّار الهجوم عليها.
وما يكون لدفعهم عن بُلدان المسلمين ، وقُراهم ، وأراضيهم ، وإخراجهم منها بعد سلطانهم عليها.
وما يكون لدفع الملاعين عن التسلّط على دماء المسلمين ، وهتك أعراضهم على نحو ما مرّ.
وما يكون لدفعهم عن طائفة من المسلمين التقت مع طائفة من الكفّار ، فخيف من استيلائها عليهم.
وما يكون لأجل الدعوة إلى الإسلام ، وإقرارهم بشريعة خير الأنام صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وتُشترط في القسم الأخير نيّة التقرّب إلى الله تعالى ، دون باقي الأقسام ، مع احتمال اشتراطها في الأقسام الأربعة الباقية ، لا سيّما الأوّل والرابع ، ولو قيل : بأنّ قصد القربة إنّما تتوقّف عليه زيادة الثواب ، لم يكن بعيداً.
ثمّ الحرب الراجح بأقسامه له شروط ، تشبه شروط الصلاة ، فمثل الطوب ، والتفنك ، والسيف ، والرمح ، والسهم ، ونحوها بمنزلة الطهارة المائيّة من الوضوء والغسل ، لا يجوز العدول إلى غيرها إلا مع الاضطرار. ويستحبّ فيها أن تكون سالمة من صفات النقص ، وكلّما زادت في الكمال زاد فضلها وأجرها ، كما في الماء.
والعصا والحجارة ونحوها بمنزلة الطهارة الاضطرارية الترابيّة ، يحرم استعمالها مع وجود ما هو بمنزلة الطهارة المائيّة.
ودابّة الركوب ومكان الحرب بمنزلة مكان المصلّي ، فإنّ الصلاة لا تصحّ في مكان لا يستقرّ فيه صاحبه ، ولا زال يضطرب ، فلا يجوز في مذهب أهل الرأي ركوب دابّة رديئة ، أو الجلوس في مكان منخفض ، والعدوّ في مرتفع ، وهكذا.