ولا يجوز نقض الهُدنة بعد عَقدها ، إلا إذا حصلَ فساد على المسلمين. وبعد النقض لا يجوز التعرّض لهم حتّى يردّوهم إلى مأمنهم.
الفصل الثامن : في الأحكام المشتركة بين أقسام الاعتصام
وهي أُمور :
أحدها : أنّها إن وقعت عامّة مصرّحاً فيها بالعموم ، كأن يُذمّم أو يُؤمّن أو يُعاهد أو يصالح أو يهادن على النفوس ، والنساء ، والذراري في كلّ زمان ومكان ، وفي جميع الأحوال والأوضاع ، ولجميع الفرقة المحاربة ، أُخذ بعمومها.
وإنّ خصّ بقسم من تلك الأقسام ، أو ببعض خاصّ من الطائفة ، عمل على المخصوص. وإن أطلق ، دخلت النساء ، والذراري ، والأموال ، ولو كانت في مواضع أُخر.
وأمّا الأرحام من الإباء ، والأُمّهات ، وغيرهم ، والأولاد البالغين في طائفة لم يتعلّق بها العقد ، فلا يدخل في الإطلاق ، والمرجع إلى المتفاهم عرفاً.
ثانيها : أنّها لا تضادّ فيها ، فيمكن الجمع بين الاثنين ، والثلاثة ، والأربعة ، والخمسة ؛ فإذا انحلّ واحد ، بقي الأخر.
ثالثها : أنّها لا تحتاج إلى صيغ خاصّة ، ويكفي كلّما دلّ على إنشائها من لفظ عربيّ أو غير عربي ، أو إشارة ، أو كناية. ويجري فيها الفضولي ، فيصحّ بالإجازة.
رابعها : أنّ العام منها والمُطلق يقتضي رفع الأذيّة عن الكفّار بقول ، أو فعل ضربٍ ، أو شتمٍ أو إهانة مواجهة ؛ ولا يقتضي رفع غيبتهم ، وسبّهم ، والطعن فيهم على الوجه الشرعي ، مع الغيبة.
وتجوز مُناظرتهم ، وإظهار معايبهم ، وذكر ما في كُتبهم المحرّفة ، لردّهم إلى الحقّ ، بل لمجرّد قيام الحجّة عليهم.
وأمّا المقيّد والمشروط ، فيتبع قيده ، وشرطه.
خامسها : أنّه إذا شرطَ عليهم مال أو عمل أو شرط آخر ، أو شرط لهم مع صلاح