ثانيها : في العاقد
وهو الإمام أو نائبه الخاصّ ، دون النائب العامّ ، ورؤساء أهل الإسلام ، لو كان دفع الجزية منهم لارتفاع الجبر لهم على الإسلام ؛ لأنّ الجهاد في ذلك مخصوص بالإمام أو نائبه الخاصّ.
وأمّا ما كان قبوله لدفع فسادٍ عن المسلمين ، حتّى لا يُعينوا عليهم الحربيّين ، أو حتّى تقلّ جموعهم ، وتنكسر شوكتهم ، أو لأجل مصلحة غُزاة المسلمين وفقرائهم إلى غير ذلك ، فيجوز من المنصوب العامّ ، والرؤساء والحكّام ، حيث لا يقوم بها المنصوب العامّ.
وإذا عقد المسلمون معهم ، لزمهم الوفاء بعقدهم ، ما لم يخرقوا الذمّة بارتكاب بعض ما ينقضها من الأعمال.
ثالثها : في المعقود له
لا يصحّ عقد الذمّة إلا مع أهل الكتاب ، كاليهود والنصارى ؛ أو من له شِبه كتاب ، كالمجوس والسامرة والصابئة إن دخلوا في أحد الأقسام الثلاثة جرى عليهم حكمهم ، وإلا فلا ، كما قيل : إنّهم يعتقدون أنّ الكواكب السيّارة إلهه (١).
ومن رجع عن مذهب من مذاهب أهل الكتاب إلى مذهب آخر ، استمرّ على عقده على الأقوى.
ويدخل في العقد على الأقوى أهل الصوامع ، والرهبان ، والمعقّدون (٢) ، والسفهاء ، والمفلسون إن باشرها الأولياء ، وإلا باشروها بأنفسهم ، ويدخل الفقير ، ويُنظر إلى ميسرة.
ولا يدخل العبد إلا أن يعتق ، ولا الصبيّ إلا أن يبلغ ، ولا المرأة ولا الممسوح
__________________
(١) تفسير التبيان ٣ : ٥٩٢ ، المصباح المنير : ٣٣٢.
(٢) كذا ، ويحتمل كونه تصحيف : المعمّدون ، وعمّد الولد غسله بماء المعموديّة ، والمعموديّة أوّل أسرار الدين المسيحي وباب النصرانيّة ، وهي غسل الصبي وغيره بالماء باسم الأب والابن وروح القدس. المنجد : ٥٢٩ «عمد».