الفصل الثاني : في البغاة
البغي : هو الظلم ، والتعدّي ، وكلّ ظالم باغٍ.
وإعانة المظلوم على الظالم في دفع الظلم عنه فيما يتعلّق بالأعراض والنفوس واجبة على المكلّفين وجوباً كفائيّاً ، فتجب المحاربة في دفعه عنها وجوباً كفائيّاً مع ظنّ السلامة.
ويجب النهي عن التعرّض للأموال ؛ لأنّه نهي عن المُنكر. وتستحبّ المحاربة في الدفع عن أموال المظلومين ، مع ظنّ السلامة.
ولو علم أنّ ذهاب مالهم مُستتبع لذهاب نفوسهم ، رجع إلى الأوّل.
وفي إجراء الحكم فيما لو كان الظالم من المؤمنين ، والمظلوم من الكفّار المعتصمين ، أو الكفّار المتشبّثين ، أو المسلمين الخارجين عن طريقة الحقّ ، فيما لو توقّف على قتل نفس مؤمنة ، ولم يغنِ مجرّد النهي عن المنكر ، يقوى العدم.
ثمّ لو بغت فرقة من المؤمنين على أُخرى منهم ، فغلبت المظلومة الظالمة ، فليس لهم أن يجهزوا على جريحهم ، ولا يتبعوا مُدبرهم ، إلا مع بقاء احتمال رجوعه.
ولا يجوز لمن أضمر البغي أو أظهره بلسانه التعرّض له قبل الشروع فيه.
وكلّ مال اغتنمه المظلومون وجب ردّه إلى الظالمين ، ولو كانوا من غير الفِرَق المُحقّة ، والمظلومون من أهل الحقّ.
وإن كانوا مُستحلّين لدماء أهل الحقّ أو أموالهم لأمر صدر مثله منهم ، جاز لأهل الحقّ معاملتهم بمذهبهم ، وأن يستحلّوا دماءهم ، وأموالهم في حرب وغيره. وأمّا الأعراض والذراري ، فلا يجوز التعرّض لها.
ويدخل في البُغاة كلّ باغٍ على الإمام أو نائبه الخاصّ أو العامّ ، ممتنع عن طاعته فيما أمر به ، ونهى عنه ، فمن خالف في ترك زكاة أو خمس أو ردّ حقوق حاربوه.
ولحاكم المسلمين الحامي لبيضة الإسلام ، والدافع عن دماء المسلمين وأعراضهم إذا اضطرّ إلى ذلك مُحاربته. ولو استنصر لطائفة منهم لحفظ بيضة الإسلام فامتنعوا ،