جاهدهم ، وجبرهم على النصرة. وإذا قتل منهم قتيل ، فلا وزر ، ولا غرامة.
والمتبادر من إطلاق الباغين : الباغون على أحد الخلفاء الراشدين بعد أن تُثنى له الوسادة ، وتكون عصا الشرع بيده قائمة بشروط :
أحدها : تفرّدهم عن الإمام ، والامتناع عن التبعيّة ، والدخول في ضمن الرعيّة ، في بلدة كانوا أو قرية أو صحراء.
ثانيها : أن يكون لهم قوّة ، وكثرة ، وشوكة ، فلا يفلّ جمعهم إلا بعد جمع الجموع ، وإقامة الحرب ، وإلا لزم الدفع بالأسهل.
ثالثها : أن يكون لهم شُبهة ، لا يعذرون فيها ، بسببها خرجوا عن طاعة الإمام.
رابعها : أن لا يُمكن ردّهم بالمُناظرة ، وإلقاء الحُجج.
خامسها : ألا يمكن دفعهم وردّهم إلى الطاعة بإيقاع الفتنة بينهم أو بغير ذلك ، سوى الحرب.
ويجب على الخليفة المنصوب من الله مُحاربتهم ، ومُقاتلتهم ، حتّى يرجعوا إلى الحقّ ؛ وله أن يستعين عليهم بأهل الذمّة ، وبباقي فِرَق المُعتصمين من الكفّار.
ولا يجوز له قتلهم قبل المُقاتلة ، ولا يجهز على جريحهم ، ولا يتبع مُدبِرهم ، إن لم يكن لهم رئيس يرجع إليه ، كأهل البصرة ، وأهل النهروان.
وإن كان لهم رئيس ، كأهل الشام في صفّين جهز على جريحهم ، وأُتبع مُدبِرهم ، ولا تُسبى ذراريهم ، ولا نساؤهم ، وتحرم أموالهم ممّا لا يحويه العسكر ، وممّا حواه ، ولا ضمان فيما تلف منها حال الحرب.
وإذا تابوا وأنابوا رُفِع عنهم الحرب ، وصاروا كحال باقي الرعيّة.
وإذا قُبِض أحد منهم في حال الحرب ، عُرِضت عليه التوبة ، فإن قبل خرج عن حكم البغي ، وإلا انتُظر به الفراغ من الحرب ، وتُعرض عليه التوبة ، فإن تابَ فيها ، وإلا فإن لم يُخَف منه وقوعُ شر أُطلِق ، وإلا حبس.
ولو استعانوا ببعض الكفّار من المعتصمين وغيرهم ، أو ببعض المؤمنين ، أو أدخلوا النساء والأطفال منهم ، قوتلوا معهم.