ومنها : أنّه لا يجوز ابتداؤهم بالحرب مع قلّة المسلمين وضعفهم ، ولا يجوز التأخير مع انقطاع المساعدين وترادف (١) المعينين للكفّار.
ومنها : أنّه يُتبع مُدبرهم ، ويُجهز على جريحهم ، ولا يُمثّل بهم. ومنها : أنّه ينبغي الدعاء عند الحرب بما يجري على اللسان ، ممّا يتضمّن طلب النُّصرة ، وأفضله الدعاء المنسوب إلى سيّد الأوصياء (٢) ؛ وأن تؤخذ قبضة من التراب ، وتُرمى في مُقابلة وجوههم ، مع قول : شاهت الوجوه.
الفصل الثاني : في الاستيلاء بالحرب والجهاد
وكلّما يؤخذ بجمع الجنود والعساكر ونصب الرايات ، ولم يكن عن إذن ولي الأمر ، مع حضوره واستقلال كلمته ، لم يكن للغانمين فيه شيء ، وإنّما هو له خاصّة ؛ لأنّ المحاربة بهذا الوجه بدون إذن الأمير لا تُباح ، ولا يُستباح بها.
وكذا إذا كانت المُحاربة حال الغيبة ، وكانت للجلب إلى الإسلام ، فإنّ إقامة الحروب وجمع الجنود لذلك غير مُباحة ، ولا يُستباح بها.
وأمّا إذا كان لحفظ بيضة الإسلام ، أو الدفع عن المسلمين من الأقسام الثلاثة الأُخر ، فيقوم الرئيس فيها مقامه ؛ تأسّياً به في الحرب المأذون فيه ، ولتوقّف حفظ المسلمين والإسلام على إجراء هذه الأحكام ؛ لأنّها إن تركت اختل النظام ، ولزم الفساد العامّ ، وتقوية كلمة الكفر ، وضعف كلمة الإسلام.
ومحصّل القول في ذلك : أن من يستولي عليه من البالغين الذكور لا يجوز قتل المجنون منهم ، والمعتوه ، والشيخ الفاني ، والمُقعد ، والأعمى ، وكلّ من لا قابليّة له في الحرب ، ولا تترّسَ به الكفّار.
وأمّا البالغون العاقلون ، فإن استولى عليهم والحرب قائمة ، قتلوا ، وأمّا بعد
__________________
(١) ترادف القوم : تتابعوا. المصباح المنير : ٢٢٥.
(٢) الكافي ٥ : ٤٦ ح ١ ، الوسائل ١١ : ١٠٤ أبواب جهاد العدوّ ب ٥٥ ح ١.