الثالث : الأرض الموات بالأصل ، وما في حكمها من أرض خربة أو رؤوس الجبال ، أو بطون الأودية ؛ فإنّها للإمام في أيّ أرض كانت.
ويُعنى بها : ما لا قابليّة لها للتعمير بالفعل ، لبُعدها عن الماء ، أو ارتفاعها عنه ، أو لغلبته عليها ، أو لاستيجامها ، أو كثرة نبتها أو شجرها ، أو غلبة الرمل أو التراب عليها ، بحيث يستدعي تعباً كلّياً في إحيائها. والمدار على ما يُسمّى مواتاً.
ثمّ إنْ أحياها مُحيي كائناً من كان بعد الغيبة ، كانت ملكاً له ، يملكها من شاء ، ويوقفها ، ويجري أحكام الملك عليها.
ومثلها الأرض الحيّة في نفسها كالأراضي الخارجة في بُطون الأنهار ، أو الّتي تخرّبها الأمطار ، أو الرطوبة السارية إليها من بطن الأرض ، ونحو ذلك.
فإنّ كلّ من عمل بها عملاً كان أولى بها.
ويتحقّق الإحياء بأنحاء مُختلفة على ما يُناسبها ، ففي المزارع بالإصلاح ، أو حفر الابار أو الأنهار ، أو التسوية ، أو رفع الشجر أو الماء الغامر لها ، ونحو ذلك.
وفي المساكن بالبناء والتسقيف بخشب أو حُصُر أو نبات ونحوها ، ولا يشترط نصب الباب.
وفي الغرس بنحو ما في الزرع.
ولو فعل دون ذلك ، بإدارة حفر ، أو وضع أحجار دائرة عليها ، أو نحو ذلك ، كان تحجيراً مُفيداً أولويّة ؛ لا ملكاً ، فلا يصحّ بيعه ، ولكن يورث كسائر الحقوق.
نعم لو كان في أرضٍ حيّة في نفسها ، قوي القول باقتضائه التمليك ، ويصحّ الصلح عليه.
ولو أهمل الإتمام ، فلوليّ الأمر إلزامه بالإحياء ، أو رفع اليد عنها ، ولو امتنع ، أذنَ لغيره فيها ؛ فإن اعتذر بشاغل ، أُمهل مدّة يزول بها العُذر.
ولو نصب بيتاً من الشعَر أو خيمة ، كانَ له الأولويّة ، ولا يثبت لهُ ملك.
ويُعتبر فيه أُمور :
أحدها : القصد ، فلو فعلَ شيئاً وهو عابر سبيل ، لم يثبت به ملك.