فيهما ، ولا يفسد الحجّ عمداً سوى الوقوفين ، ويجيء البحث فيه من وجوه :
الأوّل : فيمن يتعيّن عليه
تتعيّن حجّة الإسلام على النائي مع الاختيار ، فلو أتى بأحد القسمين الأخيرين لم يجز عنه.
والمراد بالنائي : من بعُدت داره على الأقوى كما يظهر من الكتاب والسنّة ، واحتمال محلّته أو بلده أو مبدأ محلّ الترخّص لا وجه له ، ويستوي البناء ، والصهوة ، والمستأجرة ، والمعارة ، والمغصوبة في بلد مستوطنه عن الكعبة ، أو المسجد الحرام المؤسّس قديماً ، أو عن مكّة ، على ما يفهم من بعض الأخبار (١) فيدور الأمر بين القديمة وبين ما كان منها حال الأخذ في السعي وإن اختلف ما بينه وبين الوصول إلى الغاية ، ولعلّ الأقوى هو الأوّل بثمانٍ وأربعين ميلاً تحقيقاً في تقريب ، كسائر ما قدّر بالمسح أو الوزن ؛ لتعذّر الضبط الحقيقي فيه ؛ لتوقّفه على ضبط الأوزنة الموقوف على ضبط الأصابع والشعيرات والشعرات ، وأيضاً اعتبار المسح في الفضاء دون الطريق ، وعلى اعتبار الطريق يُعتبر حين الشروع ، فلو تبدّل في الأثناء ، لرفع المانع ، لم يتبدّل الحكم.
والمراد بُعد الوطن للمتوطّن بالاستقلال أو بالتبع ، ويتولّى المتبوع القصد.
وذو الوطنين متقاربين أو متباعدين ، في بلد أو بلدين ، من غير فرق بين ما استطاع فيه وغيره وغيرهما ، ولا بين المغصوب وغيره ؛ ولا ما بينهما مسافة وغيره ، تطرح أيّام السفر بينهما ، ويحتمل احتساب السفر إلى أحدهما من وطنيه ولا يجري فيما زاد عليهما بسير أكثرهما إقامةً ، ومع المساواة يتخيّر ، والأحوط الالتحاق بأهل مكّة.
وكثير السفر يراعي محلّ قصده ، والقول بالالتحاق بحاضري مكّة أو التخيير لا يخلو من وجه.
__________________
(١) انظر الوسائل ٨ : ١٨٧ أبواب أقسام الحجّ ب ٦.