ولو قصد التوطّن بعد الإحرام ، يعدل عمّا كان عليه ، كما لو فسخ فقصد التوطّن حول مكّة بعده ، وما أقام بستّة أشهر فعدل عن وطنه فليس بوطن على الأقوى.
والأقوى أنّ هذا الشرط علمي لا وجوديّ ، فلو زعم مسافة يترتّب عليها قسم فأحرم بنيّته ، فظهرت ممّا يترتّب عليها غيره ، بقي على حكم زعمه على إشكال ، فالمقيم بمكّة سنتين في الثالثة بمنزلة أهل مكّة. وفي المنكسر من الشهور أو من أيّامها وجوه ، أقواها اعتبار تمام الشهر واليوم المنكسرين فقط ، وبقاء السنتين على حالها ، والمدار على صدق الاسم ، وما يدخل فيه من حين البقاء.
ولو أقام في غيرها ذلك المقدار ، لم يُعتبر حكمه ، وإن كان قريباً. وفيما دون محل الترخّص (احتمل الالتحاق) (١) بها ، ويحتمل تمشية الحكم إلى الإقامة بما دون الثمانية وأربعين ميلاً ، أو فيما دون المسافة ولا بدّ من دخول الليالي في الإقامة والأقوى عدم (الإلحاق) (٢) ، فالخروج إلى ما دون محلّ الترخّص ، بل ما دون المسافة مع تكميل ما يساويه من بعد على تأمّل.
ولو نوى الاستيطان الدائم بمكّة ، ومضى عليه ستّة أشهر ، فهو بمنزلة أهل مكّة ، ويحمل عليه ما دلّ على الاكتفاء بستّة أشهر ، ولا يبعد الاكتفاء بمجرّد نيّة الاستيطان.
ويُراد بمكّة : محلّها القديم ، وإن ارتفع بناؤها ، والأقوى إضافة ما استجدّ من البيوت فيما لو خصّصنا الإقامة بها. وفي تمشية باقي أحكام مكّة من نذور وأيمان ونحوها إشكال.
الوجه الثاني : في شروطه ، وهي أُمور :
منها : النيّة ، ويُعتبر فيها نيّة الحجّ وكونه تمتّعاً ، ولا تشترط فيه نيّة الوجه ، بل يكفي الداعي كما سبق في غيره من العبادات ، وقد تُحسب من أجزائه.
__________________
(١) في «ص» : احتمال الإلحاق.
(٢) في «ص» : الحلق.