.................................................................................................
______________________________________________________
وعلى الجملة : فمقتضى هذه الإطلاقات عدم حجّية الظن المتعلّق بالأفعال فلا بدّ للقائل بالحجّية من إقامة الدليل لنخرج به عن مقتضاها ، وإلّا فتلك المطلقات هي المحكّمة.
وقد استدلّ على ذلك بوجوه :
منها : شهرة القول بذلك بين الأصحاب ، بل عن المحقّق الثاني نفي الخلاف فيه كما مرّ.
وفيه : مضافاً إلى عدم حجّية الشهرة في نفسها أنّ دعواها ممنوعة في المقام إلّا بالإضافة إلى الطبقة الوسطى من الأصحاب ، فإنّ كلمات القدماء منهم خالية عن التعرّض للمسألة رأساً ، وقد ذهب جمع كثير من المتأخِّرين إلى عدم الحجّية. فدعوى الشهرة بقول مطلق بعيدة عن الصواب.
وأمّا نفي الخلاف المحكي عن المحقّق فلا اعتبار به بمجرّده ما لم يرجع إلى الإجماع التعبّدي الكاشف عن رأي المعصوم (عليه السلام) ، ولم ينقل دعواه عن أحد ، بل قد عرفت الإشكال في تحقّق الشهرة فضلاً عن الإجماع.
ومنها : النبويان «إذا شكّ أحدكم في الصلاة فلينظر أحرى ذلك إلى الصواب فليبن عليه» (١) وقوله : «إذا شكّ أحدكم في الصلاة فليتحرّ الصواب» (٢) بدعوى انجبار ضعفهما بعمل المشهور.
وفيه : منع الشهرة أوّلاً كما مرّ ، ومنع استناد المشهور إليهما ثانياً لجواز أن يكون المستند ما سيجيء ، ومنع كبرى الانجبار ثالثاً.
__________________
(١) صحيح مسلم ١ : ٤٠٠ / ٩٠ ، سنن النِّسائي ٣ : ٢٨ [وفيهما : فليتم عليه].
(٢) صحيح مسلم ١ : ٤٠٠ / ٩٠ ، سنن النِّسائي ٣ : ٢٨ [وفيه : فليتحرّ الّذي يرى أنّه الصواب].