ويعتبر في صدقها أن لا يكون ذلك من جهة عروض عارض من خوف أو غضب أو همّ أو نحو ذلك ممّا يوجب اغتشاش الحواس (١).
______________________________________________________
نعم ، لو كانت العبارة هكذا : فهو كثير السهو. لتمّ ما أُفيد وانعقد له المفهوم المزبور ، ولكنّها مقرونة بكلمة «من» التبعيضية ، فلا تدل على أكثر من أنّ الشاكّ في كلّ ثلاث من بعض أفراد كثير السهو. وهذا لا ريب في صحّته من غير حاجة إلى ورود النص ، لكونه من أفراده الواضحة الظاهرة ، إذ الشاك المزبور خارج عن حدّ المتعارف جزماً ، فانّ غالب الناس لا يكاد يصدر منهم السهو في كلّ ثلاث ولا في كلّ خمس ، بل ولا في كل عشر أو أزيد كما لا يخفى.
وعلى الجملة : فالشاك في كلّ ثلاث تمرّ عليه كمن يشك في صلاة الفجر ثمّ في العشاء ثمّ في صلاة العصر من اليوم الثاني وهكذا ، فهو ممّن يتحقّق معه مسمّى الكثرة عرفاً بلا ريب ، سواء اتّحد محلّ سهوه ومتعلّق شكّه أم اختلف.
لكن الصدق العرفي لا ينحصر في هذه الصورة المفروض فيها عدم سلامته عن السهو في كلّ ثلاث صلوات متتاليات ، بحيث لو سها في ضمن كلّ أربع أو خمس لم يكن من كثير الشك ، بل يتحقّق الصدق بهذا أيضاً وبغيره كمن يسهو في جميع صلواته يوماً ، ويوماً لا ، ونحو ذلك من الفروض.
والحاصل : أنّ العبرة بصدق الكثرة عرفاً ، وهو الضابط في تشخيص هذا الموضوع ، والصحيحة غير منافية لذلك.
(١) لخروج هذا الفرض عن منصرف النصوص ، الظاهرة بمقتضى التعليل في اختصاص الحكم بالشكّ المستند إلى الشيطان ، الموجب ترك الاعتناء به لزواله كما في صحيحتي محمّد بن مسلم وزرارة (١) الّذي هو مرتبة ضعيفة من الوسوسة.
__________________
(١) المتقدّمتين في ص ٥.