.................................................................................................
______________________________________________________
أمّا لو كانت مفهومية كأن يشكّ في مفهوم الكثرة عرفاً وما به يتحقّق حدّها ومسمّاها بناءً على إناطة التحديد بذلك فلا سبيل حينئذ للتمسّك بالاستصحاب ، لما هو المقرّر في محلّه (١) من عدم جريانه في الشبهات المفهومية حتّى بناءً على القول بجريانه في الشبهات الحكمية ، كما التزم شيخنا الأنصاري (قدس سره) (٢) بالتفكيك فأجراه في الشبهة الحكمية دون المفهومية ، ولذا منع عن استصحاب النهار لدى الترديد في مفهوم الغروب الّذي هو غاية للظهرين ومبدأ للعشاءين بين استتار القرص وزوال الحمرة المشرقية ، كما هو موضح في الأُصول.
وعليه فلا مناص من الاقتصار في المفهوم المجمل الدائر بين الأقل والأكثر كما في المقام على المقدار المتيقّن ، والرجوع فيما عداه إلى إطلاقات أدلّة الشكوك ، السليمة عمّا يصلح للتقييد. ولكن عبارة المتن غير ناظرة إلى الشبهة المفهومية قطعاً.
ثمّ إنّ في الشبهة الموضوعية لو لم يعلم بالحالة السابقة بأن تردّدت بين الكثرة وعدمها كما في تعاقب الحالتين والشك في المتقدّم منهما والمتأخّر لا إشكال في عدم جريان الاستصحاب ، إمّا لقصور المقتضي وعدم جريانه في نفسه من أجل عدم اتصال زمان الشك بزمان اليقين كما يراه صاحب الكفاية (٣) ، أو لوجود المانع وسقوطه بالمعارضة كما هو الصحيح ، وعلى التقديرين فلا مسرح له في المقام.
__________________
(١) مصباح الأُصول ٣ : ٢٣٤.
(٢) فرائد الأُصول ٢ : ٦٠٥.
(٣) كفاية الأُصول : ٤٢٠.