.................................................................................................
______________________________________________________
فالشاك في صفة الكثرة أمره دائر بين الوجود والعدم ، إذ لا يجوز الإتيان بالقراءة مثلاً بقصد الجزئية إلّا مرّة واحدة لا أكثر ، فان لم يكن من كثير الشك وجب الإتيان بعد كون الشك في المحلّ كما هو المفروض ، وإن كان من كثيره لم يجز للزوم الزيادة كما مرّ. فلا موقع للتمسّك حينئذ بقاعدة الاشتغال.
بل الصحيح أن يقال : إذا بنينا على جواز قطع الفريضة فله رفع اليد والإتيان بصلاة اخرى ، وإلّا فلا مناص من الإتيان بالذكر بقصد الأمر الفعلي الجامع بين الجزئية وبين الذكر المطلق ، فينوي به امتثال الأمر الواقعي على ما هو عليه ، القابل للانطباق على الجزء وعلى مطلق الذكر. فليس له قصد الجزئية بخصوصها لاحتمال الزيادة القادحة.
ودعوى نفي هذا الاحتمال بأصالة عدم الزيادة ، مدفوعة بأنّ دليل الاستصحاب أيضاً مقيّد بعدم كثرة الشك ، فهو لا يجري في حقّ كثير الشك في الصلاة ، والمفروض الشكّ وعدم إحراز عدم الكثرة. فالتمسّك به والحال هذه من قبيل التمسّك بالعام في الشبهة المصداقية كما لا يخفى.
وممّا ذكرنا يظهر الحال في القسم الثاني ، أعني ما عدا الأذكار من الأجزاء ممّا تقدح زيادته العمدية ولو بغير قصد الجزئية كالركوع والسجود ، فإنّ قاعدة الاشتغال غير جارية هنا أيضاً وإن قيل بها ، لما عرفت من الدوران بين المحذورين ، واستصحاب عدم الزيادة غير جارٍ لكونه من الشبهة المصداقية كما مرّ.
وحيث إنّ الاحتياط بالإتيان بقصد الأمر الواقعي الجامع بين الجزئية وغيرها غير ممكن هنا ، لفرض قدح الزيادة العمدية ولو لم يقصد بها الجزئية فلا مناص من رفع اليد وإعادة الصلاة ، وبذلك يفترق هذا القسم عن القسم السابق.