.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا الحكم الثابت بمقتضى هذه الصحيحة نفسها والمجعول بنفس هذا الدليل أعني رجوع الشاك إلى الحافظ وفرض سهوه كلا سهو ، الّذي لم يكن ثابتاً من ذي قبل وإنّما تحقّق بنفس هذا الجعل ، فلا يمكن أن تشمله الصحيحة كي يحكم بمقتضاها برجوع المأموم الشاك إلى الإمام المنفي عنه السهو ، لأنّ نفي السهو عنه إنّما ثبت بنفس هذا الجعل فكيف يعمّ الجعل نفسه.
وبعبارة اخرى : هذه الصحيحة المتكفّلة لنفي الحكم بلسان نفي الموضوع حاكمة على ما عداها من أدلّة الشكوك ، فلا بدّ وأن يفرض في مرتبة سابقة حكم متعلّق بموضوعه لتكون هذه الصحيحة ناظرة إليه ، وأمّا الحكم المتحصّل من هذه الصحيحة والمجعول بنفس هذا الجعل وهو فرض الساهي حافظاً لدى حفظ الآخر فلا يمكن أن تنظر إليه الصحيحة ، ليحكم من أجله بنفي السهو عن المأموم الشاك وجواز رجوعه إلى الإمام.
لا أقول : إنّ هذا غير معقول ، كيف وقد بيّنا إمكانه بالوجوه المذكورة في محلّها (١).
بل أقول : إنّ هذا خلاف المتراءى من ظاهر الدليل ، ولا يكاد يساعده الفهم العرفي بوجه.
فان قلت : إنّ الصحيحة تنحلّ إلى حكمين وتشتمل على جعلين : أحدهما نفي السهو عن الإمام ، والآخر نفيه عن المأموم. فالسهو منفي عن الإمام الراجع إلى المأموم الحافظ بمقتضى الجعل الأوّل ، وهو منفي عن المأموم الشاك الراجع إلى الإمام الحافظ المعتبر في حقّه الحفظ في الجعل الأوّل بمقتضى الجعل الثاني ، فلا مانع من شمول الصحيحة للمقام.
__________________
(١) لعلّه ناظر إلى ما في مصباح الأُصول ٢ : ١٧٥.