.................................................................................................
______________________________________________________
أحدهما : أن يكون الشكّان متباينين بالكلّية ، بحيث لا يكون ثمّة قدر مشترك بينهما ، كما إذا شكّ الإمام بين الثنتين والثلاث والمأمومون بين الأربع والخمس. ولا ريب في عدم الرجوع حينئذ أيضاً ، لعلم كلّ منهما بخطإ الآخر ، بعد أن كان طرفا الشك من كلّ منهما مخالفاً لطرفيه من الآخر. فلا مناص وقتئذ من أن يعمل كلّ منهما على شاكلته ، ويصنع حسب وظيفته من الإتيان بموجب شكّه.
ثانيهما : أن يكون بين الشكّين قدر مشترك يجمعهما ، بأن يكون أحد طرفي الشك من أحدهما بعينه طرفاً للشك من الآخر ، كما لو شكّ أحدهما بين الاثنتين والثلاث والآخر بين الثلاث والأربع ، أو أحدهما بين الثلاث والأربع والآخر بين الأربع والخمس ، فانّ الثلاث في المثال الأوّل والأربع في المثال الثاني طرف لكلّ من الشكّين.
وقد احتمل في المتن رجوع كلّ منهما حينئذ إلى ذلك القدر المشترك ، بل نُسب ذلك إلى المشهور ، نظراً إلى أنّ كلا منهما نافٍ للطرف الآخر من شكّ الآخر.
وذلك لأنّ الشك الحاصل لكلّ منهما ينحلّ إلى الشك من جهة وإلى الجزم من جهة أُخرى ، فإنّ الشاك بين الثنتين والثلاث في المثال الأوّل شاك في الثالثة وجازم بعدم الرابعة ، كما أنّ الشاك بين الثلاث والأربع شاك في الرابعة وجازم بوجود الثالثة ، فيرجع كلّ منهما في مورد شكّه إلى جزم الآخر وحفظه ، تمسّكاً بإطلاق صحيحة حفص المتقدّمة (١) فينفي الأوّل شكّه في الثالثة بجزم الثاني بوجودها ، كما ينفي الثاني شكّه في الرابعة بجزم الأوّل بعدم وقوعها. ونتيجة ذلك بنائهما معاً على الثلاث وإتمام الصلاة عليه.
وهكذا الحال في المثال الثاني ، أعني شكّ أحدهما بين الثلاث والأربع
__________________
(١) في ص ٣٣.