الفصل الثامن
يؤشر ظهور حسن باشا في بغداد للمرة الثانية بداية الفترة الثانية من تاريخ العراق تحت السيطرة العثمانية وهي الفترة التي وحد فيها باشوات بغداد تحت سلطتهم شمال العراق وجنوبه (١) وكذلك مابين النهرين باجمعه بالاضافة إلى جنوب كردستان ، وغدوا مستقلين عن اسطنبول تقريباً يقررون مصير هذه المنطقة الواسعة بانفسهم.
لقد كان العامل الاساس الذي ساعد على تكوين هذا الوضع الاستثنائي هو رغبة الدولة العثمانية في ان تعوّض ، على حساب فارس ، عن التنازلات التي قامت بها لصالح النسما والبندقية وبولندة بموحب معاهدة كارلوفتس ١٦٩٩م. وكانت فارس تعاني من اضطرابات اخذت تتسّع اكثر فتزيد من اضعافها ولهذا فانها لم تعد مؤهلة لان تصد التطاولات العثمانية بحزم. وبعد ان قرر رأي الباب العالي على الاستيلاء على الاقاليم الفارسية : اذربيجان واردلان ولورستان كان عليه ان يفكر مسبقاً بتعزيز وضعه في هذه المنطقة القصية ، ولكن ان تحقيق هذا الهدف لم يكن ممكناً دون تقوية السلطة ونفوذ باشوات بغداد لان مجد الحركة العربية في العراق كان يتطلب يداً قوية تستطيع ان تحافظ على هدوء
__________________
(١) يقصد المؤلف هنا جزء العراق الواقع إلى الجنوب من بغداد. (المترجم).