لقد ادخل زياد الذي كان قد تعرف في اثناء وجوده في فارس على التنظيم الحكومي فيها ، الكثير من التغيرات في البصرة ، فقد اتخذ لنفسه بمجرد ان تولى مهام منصبه في عام ٦٦٥ م فصيلاً خاصاً من الحرس مسلحين بالرماح والهراوات كانوا يرافقونه في كل مرة يخرج فيها للناس. كما اسس لاول مرة في البصرة حرساً كثير العدد من الشرطة وأناط بهم مراقبة دقة تنفيذ اوامره الموجهه نحو تهدئة المدينة.
وفي الوقت نفسه أخذ زياد يطارد الخوارج بلا رحمة بحيث كانوا يعتقلون حيثما ظهروا في حدود ولاية البصرة ويقتل منهم الاكثر خطراً واقلاقاً دون أي تروٍ ، بل حتى التستر على الخارجي كانت عقوبته صارمة. هكذا لم يعد يسمع طيلة السنوات الخمس التي قضاها زياد في البصرة ، عن الفوضى أو التمرد وبدا الامر كما لو ان الخوارج قد جرت تهدئتهم نهائياً وقمع نشاطهم المضر بالامويين. ولكن القلاقل والاضطرابات التي اثارها افراد هذه الفرقة مباشرة بعد تعيين زياد والياً على العراق كله ونقله لمقرّه إلى الكوفة اظهرت مدى خطأ هذا الاعتقاد. صحيح ان سمرة بن جندب الذي تركه زياد مساعداً له في البصرة كان يماثل رئيسه في الشخصية وبدأ بسرعة وبهمة بالاقتصاص من الخوارج فاعادت قسوته حكم زياد إلى الاذهان ، لكنه لم يلبث ان اقيل بعد وفاة الوالي الذي كان يحميه مباشرة. اما عبد الله بن غيلان (١) الذي عين والياً على البصرة للمرة الثانية فقد ظهر انه لا يصلح لمكافحة الخوارج الامر الذي حتم على الخليفة اقالته ولم يمض على تعيينه غير وقت قصير ، وعين بدلاً منه لحكم البصرة عبيدالله وهو ابن زياد الراحل.
__________________
(١) الصحيح : عبد الله بن عمرو بن غيلان. (المترجم).