الفصل التاسع
يؤشر حكم علي رضا باشا بداية المرحلة الثالثة من تاريخ العراق ، وهي المرحلة التي تتميز بتوطيد علاقات هذه المنطقة مع بقية الدولة العثمانية وبسعي ولاتها إلى ادخال منجزات الحضارة الاوربية اليها. وكان هؤلاء الولاة مجرد موظفين لدى الباب العالي يعينون من اسطنبول مباشرة. وقد شملت التغيرات التي جرت في وضع العراق ، اقليم البصرة بالطبع ولكنها لم تؤدِّ إلى منحه استقلالاً ادارياً حتى الربع الاخير من القرن التاسع عشر خاضعاً خضوعاً تاماً لباشا بغداد. ولهذا السبب يتحتم علينا ان نواصل سرد تاريخ البصرة بالارتباط الوثيق مع سير الاحداث التاريخية في بغداد.
كانت باشوية بغداد التي وصلت إلى حاكم العراق الجديد علي رضا باشا - بعد ان تعرضت للعديد من الكوارث الطبيعية - قد تحولت إلى منطقة شبه جرداء خالية من السكان. لقد اصبحت هذه المنطقة المزدهرة التي لم تكن تقل في غناها الا عن نفسه بالمطالبة بها عندما كان مايزال والياً لحلب. يكفي ان نذكر بان بغداد ، المدينة الرئيسة في الباشوية ، لم يبق بها من المئة والخمسين الفاً من السكان ، على ما يذكره شاهد عيان عاش فيها في فترة الطاعون ، اكثر من عشرين الفاً وان ثلثي المدينة كان عبارة اطلال من الخرائب (١). لقد اختفت كثير من فروع الصناعة المحلية نهائياً
__________________
(١) Wellsted; OP. Cit, vol. l, p. ٢٩٤.