وقعت مهمة بعث السلطة الزمنية للعباسين بعد ذلك على عاتق خلفاء المسترشد فقد استطاع المكتفي ان يكسر شوكة بني مزيد نهائياً وان يلحق بممتلكاته عام ١١٥٢ م الحلة وواسط ثم خضع لنفوذه جنوب العراق باجمعه. اما الخليفة الناصر (١١٨٠ - ١٢٢٥ م) فقد شعر باستقلاله عن السلاجقة إلى درجة انه امر في عام ١١٨٨ م بتدمير قصرهم في بغداد. ولم يقنع هذا الخليفة الذي كان يتميز بقوة العزم والاصرار بالعراق وحده بل كان يسعى لان يوسع ممتلكاته على حساب ميديا المجاورة غير انه اصطدم في مساعيه لتحقيق هذا الهدف بأمير خوارزم (خيوة) القوي محمد بن تكش. لقد كان هذا الاخير مستعداً لان يمنح الخليفة السيطرة على العراق كل ما وراء النهر وهو امر رفضه الناصر بكل إباء فبرهن بذلك على قصر نظره لان محمد بن تكش اعلن مستنداً إلى فتوى اصدرها فقهاء خيوة عن تجريد العباسيين من الخلافة ونقل حقوقها إلى العلويين وعين احد احفاد علي (ع) وهو علاء الملك من ترمذ خليفة بدلاً من الناصر. وقد تحرك خوارزم شاه في ١٢١٧م على رأس جيش قوي نحو عاصمة العباسيين من اجل ان ينفذ قراره هذا ووصل إلى همدان لكن سدوداً من الثلوج اغلقت كل الممرات الجبلية المؤدية إلى بغداد فاجبرته على العودة من حيث اتى.
توجه الخليفة الناصر الذي لم يعد يكتفي بالاعتماد على قواته وحدها إلى جنكيز خان الذي كان قد اتم السيطرة على شمال الصين طلباً للمساعدة ضد خوارزم شاه. وقد سارع «سوط الله» الجديد هذا الذي كان منذ فترة طويلة للانقضاض على جاره القوي إلى الاستجابة فاقتحم المغول حدود خوارزم وتحولت في برهة وجيزة من بلد مزدهر ومتحضر إلى صحراء قاحلة.