وبعد ذلك انقضت الاقوام المغولية كالتيار الجارف ماحقة كل شيء يقع في طريقها ، على فارس ومن ثم على ما بين النهرين واخيراً حل في عام ١٢٥٨ م دور بغداد وكان يشغل منصب الخليفة بها انذاك ابو احمد عبد الله المستعصم بالله وهو الخليفة السابع والثلاثون والاخير ، الذي يقول عنه المؤرخ الدكتور G.WeII (١) في كتابه المعروف : «Geschichte der chalifen» (٢) انه «كان يتصف بالنقائص ونقاط الضعف التي كان يتصف بها الثلاثة الذين سبقوه ولكن دون ان يتميز بالفضائل التي كانوا يتميزون بها». ان شخصاً كهذا لم يكن يستطيع بالطبع ان يهئ الرد الواجب للمغول وهكذا فعندما احاطت جحافلهم التي كان يقودها هولاكو خان حفيد جنكيز خان بعاصمة العباسيين لم يجد افضل من الاستسلام لرحمة المنتصرين. وقد امر ذلك المغولي الذي لا يعرف الرحمة باعدام الخليفة مع والديه وجميع اقاربه من البيت العباسي بعد ان اخبر المستعصم هولاكو خان بموضع الكنوز التي كان الخليفة الناصر قد جمعها في مدة حكمه التي دامت ستاً واربعين سنة. ولم ينج من الموت من العباسيين الا ابن الخليفة الظاهر الذي اعترف به الحاكم المملوكي في مصر بيبرس في عام ١٢٦٠ م خليفة باسم المستنصر. وظلت السلالة العباسية الجديدة منذ ذلك الوقت وحتى احتلال مصر عام ١٥١٧ من قبل السلطان العثماني سليم تستخدم لاضفاء الشرعية على سلطة ممالك مصر.
ولم يرحم هولاكو بغداد نفسها فقد ابيحت للجند لكي ينهبوها ومن ثم احرقت من جهات مختلفة فاتمت النار ما كان المغول قد بدأوه من
__________________
(١) T. II S. ٤٧١.
(٢) تاريخ الخلفاء. (المترجم).