خضوعه الطوعي ، في منصب حاكم البصرة تابعاً للدولة العثمانية وقد تجلت هذه التبيعة بشكلها الظاهري في الخطبة لحاكم الدولة العثمانية وسك النقود باسمه ، فكانت بذلك تبعية اسمية تماماً لها اكثر رسوخاً واشد وضوحاً وهو امر كانت مصلحتها فيه تتعارض بشكل مباشر مع رغبة الامراء العرب المحليين بالمحافضة على استقلالهم التام قدر الامكان. وعلى هذا الاساس لم يكن بالامكان الا ان يحدث الصدام بين العرب والاتراك واول صدام سجله التاريخ في هذا المجال يعود إلى عام ١٥٤٦م عندما قاد والي بغداد اياس باشا بامر من اسطنبول حملة ضد راشد نفسه. لقد كان سبب الحملة رفض راشد ان سلم الاتراك العصاة الذين لجأوا اليه في البصرة ففقد بسبب ذلك منصبه ونفي إلى خارج العراق.
لقد كان السبب في هذا الدرس القاسي الذي اعطى للامير راشد هو خشية السلطان من فقدان البصرة التي كانت لها في نظره اهمية خاصة بالنسبة لخططه السياسية الجديدة. وخلاصة القضية ان اباه السلطان سليماً الذي ورث عن مماليك مصر بعد استيلائه على مصر عام ١٥١٧م مفاتيح الكعبة ولقب بـ «حامي المدينتين المقدستين مكة والمدينة» (١) كان قد اوصل الحدود البحرية للدولة العثمانية إلى البحر الاحمر وذلك بفضل الاستيلاء على شبه الجزيرة العرب الذي بدأ من اليمن. لكن السلكان سليمان لم يرد الاكتفاء بالسيطرة على شبه الجزيرة العرب وحدها بل فكر
__________________
(١) يقصد المؤلف لقب «خادم الحرمين الشريفين» الذي كان سلاطين المماليك في مصر يلقّبون به بحكم تبعية الحجاز لهم وقد ورثه العثمانيون عنهم بعد قضائهم على دولة المماليك واستخدامه في عصرنا الحاضر آل سعود منذ حكم فهد حميد الدراجي واستيلائهم على الحجاز (المترجم).