ألفاظ لمعنى واحد ، وهو : حضور صور الأشياء عند العقل. فالتصديق أيضاً تصور ولكنه تصور يستتبع الحكم وقناعة النفس وتصديقها. وإنما لأجل التمييز بين التصور المجرد أي غير المستتبع للحكم ، وبين التصور المستتبع له ، سمي الأول (تصورا) لأنه تصور محض ساذج مجرد فيستحق إطلاق لفظ (التصور) عليه مجرداً من كل قيد ، وسمي الثاني (تصديقاً) لأنه يستتبع الحكم والتصديق ، كما قلنا تسمية للشيء باسم لازمه.
أما اذا قيل : (التصور المطلق) فانما يراد به ما يساوق العلم والادراك فيعم ـ كلا التصورين : التصور المجرد ، والتصور المستتبع للحكم (التصديق) (١).
ليس للتصديق الا مورد واحد يتعلق به ، وهو النسبة في الجملة الخبرية عند الحكم والاذعان بمطابقتها للواقع او عدم مطابقتها. واما التصور فيتعلق بأحد اربعة أمور :
١ ـ (المفرد) من اسم ، وفعل «كلمة» ، وحرف «اداة».
٢ ـ (النسبة في الخبر) عند الشك فيها أو توهمها ، حيث لا تصديق ، كتصورنا لنسبة السكنى الى المريخ ـ مثلا ـ عندما يقال : «المريخ مسكون».
٣ ـ (النسبة في الانشاء) من أمر ونهي وتمن واستفهام ... الى آخر الامور الانشائية التي لا واقع لها وراء الكلام ، فلا مطابقة فيها للواقع خارج الكلام ، فلا تصديق ولا اذعان.
٤ ـ (المركب الناقص). كالمضاف والمضاف اليه ، والشبيه بالمضاف ، والموصول وصلته ، والصفة والموصوف ، وكل واحد من طرفي الجملة الشرطية ... الى آخر
__________________
(١) هذا البيان عن معنى التصديق هو خلاصة آراء المحققين من الفلاسفة واليه يرمي تعريف الشيخ الرئيس في الاشارات بأنه تصور معه حكم ، وقد وضع المولى صدر المتألهين رسالة اضافية في تحقيقه ، سماها (رسالة التصور والتصديق) فلتذهب خيالات المشككين وأوهام المغالطين أدراج الرياح ... وقد جعلوا هذا الامر الواضح بسبب تشكيكاتهم من المسائل العويصة المستعصية على المبتدئين.