المركبات الناقصة التي لا يستتبع تصورها تصديقاً وإذعاناً : ففي قوله تعالى : «وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا». الشرط (تعدوا نعمة الله) معلوم تصوري والجزاء (لا تحصوها) معلوم تصوري أيضاً. وإنما كان معلومين تصوريين لأنهما وقعا كذلك جزاءاً وشرطاً في الجملة الشرطية وإلا ففي أنفسهما لولاها كل منهما معلوم تصديقي. وقوله (نعمة الله) معلوم تصوري مضاف. ومجموع الجملة معلوم تصديقي.
ينقسم التصديق إلى قسمين : يقين وظن ، لأن التصديق هو ترجيح أحد طرفي الخبر وهما الوقوع واللاوقوع سواء كان الطرف الآخر محتملاً أو لا فإن كان هذا الترجيح مع نفي احتمال الطرف الآخر بتاً فهو (اليقين) ، وإن كان مع وجود الاحتمال ضعيفاً فهو (الظن).
وتوضيح ذلك : إنك إذا عرضت على نفسك خبراً من الأخبار فأنت لا تخلو عن إحدى حالات أربع : إما أنك لا تجوز إلا طرفاً واحداً منه إما وقوع الخبر أو عدم وقوعه ، وإما أن تجوز الطرفين وتحتملهما معاً. والأول هو اليقين. والثاني وهو تجويز الطرفين له ثلاث صور ، لأنه لا يخلو إما أن يتساوى الطرفان في الاحتمال أو يترجح أحدهما على الآخر : فإن تساوى الطرفان فهو المسمى (بالشك) وإن ترجح أحدهما فإن كان الراجح مضمون الخبر ووقوعه فهو (الظن) الذي هو من أقسام التصديق. وإن كان الراجح الطرف الآخر فهو (الوهم) الذي هو من أقسام الجهل وهو عكس الظن. فتكون الحالات أربعاً ، ولا خامسة لها :
١ ـ (اليقين) وهو أن تصدق بمضمون الخبر ولا تحتمل كذبه أو تصدق بعدمه ولا تحتمل صدقه ، أي أنك تصدق به على نحو الجزم وهو أعلى قسمي التصديق.
٢ ـ (الظن) وهو أن ترجح مضمون الخبر أو عدمه مع تجويز الطرف الآخر ، وهو أدنى قسمي التصديق.
__________________
(١) ولليقين معنى آخر في اصطلاحهم وهو خصوص التصديق الجازم المطابق للواقع لا عن التقليد وهو أخص من معناه المذكور في المتن لان المقصود به التصديق الجازم المطابق للواقع سواء كان عن تقليد او لا.