لانهما لو کانتا موجبتين أو سالبتين لجاز أن يصدقا أو يکذبا معا. ولو کانت کليتين لجاز ان يکذبا معا کما لو کان الموضع أعم على ما مثلنا سابقا. ولو کانتا جزئيتين لجاز أن يصدقا معا کما لو کان الموضوع أيضا أعم. نحو : بعض المعدن حديد. وبعض المعدن ليس بحديد.
الاختلاف بالجهة
أما الاختلاف بالجهة فأمر يقتضيه طبع التناقض کالاختلاف بالايجاب والسلب لأن نقيض کل شيء رفعه فکما يرفع الايجاب بالسلب والسلب بالايجاب فلا بد من رفع الجهة بجهة تناقضها.
ولکن الجهة التي ترفع جهة أخري قد تکون من احدي الجهات المعرفة فيکون لها نقيض صريح مثل رفع الممکنة العامة بالضرورية وبالعکس لان الامکان هو سلب الضرورة.
وقد لا تکون من الجهات المعروفة التي لها عندنا اسم معروف فلا بد أن نلتمس لها جهة من الجهات المعروفة تلازمها فنطلق عليها اسمها فلا يکون نقيضا صريحا بل لازم النقيض.
مثلا (الدائمة) تناقضها (المطلقة العامة) ولکن لا بالتناقض الصريح بل احداهما لازمة لنقيض الاخري فاذا قلت : «الارض متحرکة دائما» فنقيضها الصريح سلب الدوام ولکن سلب الدوام ليس من الجهات المعروفة فنلتمس له جهة لازمة فنقول : لازم عدم الدوام أن سلب التحرک عن الارض حاصل في زمن من الازمنة أي «ان الارض ليست متحرکة بالفعل». وهذه مطلقة عامة تکون لازمة لنقيض الدائمة.
واذا قلت : «کل انسان کاتب بالفعل» فنقيضها السريع ان الانسان لم تثبت له لاکتابة کذلک أي بالفعل. ولازم ذلک دوام السلب أي «ان بعض الانسان ليس بکاتب دائما» وهذه دائمة وهي لازمة لنقيض المطلقة العامة.