ان يتوصل الى المجهول. وقلنا ان الادوار الثلاثة الاخيرة منها هي (الفکر) وقد طبقنا هذه الادوار على کسب التعريف في آخر الجزء الاول. والآن حل الوقت الذي نطبق فيه هذه الادوار على کسب المعلوم التصديقي بعدما تقدم من درس أنواع القياس. فلنذکر تلک الدوار الخمسة لنوضحها.
١ ـ (مواجهة المشکل) ولا شک ان هذا الدور لازم لمن يفکر لکسب المقدمات لتحصيل أمر مجهول لأنه لو لم يکن عنده أمر مجهول مشکل قد التفت اليه وواجهه فوق في حيرة من الجهل به لما فکر في الطريق الى حله. ولذا يکون هذا الدور من مقدمات الفکر لا من الفکر نفسه.
٢ ـ (معرفة نوع المشکل). والغرض من معرفة نوعه أن يعرف من جهة الهيئة انه قضية حملية أو شرطية متصلة أو منفصلة موجبة أو سالبة معدولة أو محصلة موجهة او غير موجهة وهکذا. ثم يعرفه من جهة المادة أنه يناسب أي العلوم والمعارف او اي القواعد والنظريات. ولا شک ان هذه المعرفة لازمة قبل الاشتغال بالتفکير وتحصيل للقدمات والا لوقف في مکانه وارتطم ببحر من المعلومات لا تزيده الاجهلا فيتلبد ذهنه ولا يستطيع الانتقال الى معلوماته فضلا عن أن ينظمها ويحل بها المشکل. فلذا کان هذا الدور لابد منه للتفکير وهو من مقدماته لا منه نفسه.
٣ ـ (حرکة العقل من المشکل الى المعلومات). وهذا أول ادوار الفکر وحرکاته فان الانسان عندما يفرغ من مواجهة المشکل ومعرفة نوعه يفرع فکره الى طريق حله فيرجع الى المعلومات التي اختزنها عنده ليفتش عنها ليقتنص منها ما يساعده على الحل. فهذا الفزع والرجوع الى المعلومات هو حرکة للعقل وانتقال من المجهول الى المعلوم وهو مبدأ التفکير فلذا کان أول أدوار الفکر.
٤ ـ (حرکة العقل بين المعلومات). وهذا هو الدور الثاني للفکر وهو أهم الادوار والحرکات وأشقها وبه يمتاز المفکرون وعنده تزل الاقدام ويتورط المغرور فمن استطاع ان يحسن الفحص عن المعلومات ويرجع الى البديهيات فيجد ضالته التي توصله حقا الى حل المشکل فهذا الذي أوتي حظا عظيما من العلم. وليس هناک