فاقدا للجامع المشترک لا يحصل التمثيل. وهذا واضح.
ان التمثيل على بساطته من الادلة التي ال تفيد الا الاحتمال. لأنه لا يلزم من تشابه شيئين في أمر بل في عدة أمور ان يتشابها من جميع الوجوه فاذا رأيت شخصا مشابها لشخص آخر في طوله او في ملامحه أو في بعض عاداته وکان أحدهما مجرما قطعا فانه ليس لک ان تحکم على الآخر بأنه مجرم أيضا لمجرد المشابهة بينهما في بعض الصفات أو الافعال.
نعم اذا قويت وجوه الشبه بين الأصل والفرع وکثرت يقوي عندک الاحتمال حتي يقرب من اليقين ويکون ظنا. والقيافة من هذا الباب فانا قد نحکم على شخص انه صاحب أخلاق فاضلة أو شرير بمجرد أن نراه لأنا کنا قد عرفنا شخصا قبله يشبهه کثيرا في ملامحه أو عاداته وکان ذا خلق فاضل أو شريرا .. ولکن کل ذلک لا يغني عن الحق شيئا.
غير انه يمکن أن نعلم ان (الجامع) أي جهة المشابهة علة تامة لثبوت الحکم في الأصل وحينئذ نستنبط على نحو اليقين ان الحکم ثابت في الفرع لوجود علته التامة فيه لأنه يستحيل تخلف المعلول عن علته التامة. ولکن الشأن کله انما هو في اثبات ان الجامع علة تامة للحکم. لأنه يحتاج الى بحث وفحص ليس من السهل الحصول عليه حتي في الأمور الطبيعية. والتمثيل من هذه الجهة يلحق بقسم الاستقراء المبني على التعليل الذي أشرنا اليه سابقا بل هو نفسه.
اما اثبات ان الجامع هو العلة التامة لثبوت الحکم في المسائل الشرعية فليس لنا طريق اليه الا من ناحية الشارع نفسه ولذا لو کانت العلة منصوصا عليها من الشارع فانه ال خلاف بين الفقهاء جميعا في الاستدلال بذلک على ثبوت الحکم في الفرع کقوله لعيه السلام. «ماء البئر واسع لا يفسده شيء ... لأن له مادة» فانه يستنبط منه ان کل ماء له مادة کماء الحمام وماء حنفية الاسالة فهو واسع لا يفسده شيء.