١ ـ يقينيات
تقدم في أول الجزء الاول ان لليقين معنيين : اليقين بالمعنى الاعم وهو مطلق الاعتقاد الجازم ، واليقين بالمعنى الاخص وهو الاعتقاد المطابق للواقع الذي لا يحتمل النقيض لا عن تقليد. والمقصود باليقين هنا هو هذا المعنى الاخير ، فلا يشمل الجهل المركب ولا الظن ولا التقليد وان كان معه جزم.
توضيح ذلك ان اليقين بالمعنى الاخص يتقوم من عنصرين : (الاول) أن ينضم الى الاعتقاد بمضمون القضية اعتقاد ثان ـ اما بالفعل او بالقوة القريبة من الفعل ـ أن ذلك المعتقد به لا يمكن نقضه. وهذا الاعتقاد الثاني هو المقوم لكون الاعتقاد جازماً أي اليقين بالمعنى الاعم. و (الثاني) أن يكون هذا الاعتقاد الثاني لايمكن زواله. وانما يكون كذلك اذا كان مسببا عن علته الخاصة الموجبة له فلا يمكن انفكاكه عنها. وبهذا يفترق عن التقليد لأنه ان كان معه اعتقاد ثان فان هذا الاعتقاد يمكن زواله لأنه ليس عن علة توجبه بنفسه ، بل انما هو من جهة التبعية للغير ثقة به وايماناً بقوله فيمكن فرض زواله ، فلا تكون مقارنة الاعتقاد الثاني للاول واجبة في نفس الامر.
ولاجل اختلاف سبب الاعتقاد من كونه حاضراً لدى العقل او غائباً يحتاج الى الكسب ... تنقسم القضية اليقينية الى بديهية ، ونظرية كسبية تنتهي لا محالة الى البديهيات ، فالبديهيات ـ اذن ـ هي اصول اليقينيات ، وهي على ستة انواع بحكم الاستقراء : اوليات ومشاهدات وتجربيات ومتواترات وحدسيات وفطريات.
١ ـ الاوليات
وهي قضايا يصدّق بها العقل لذاتها أي بدون سبب خارج عن ذاتها بأن