ـ ٤ ـ
اقسام البرهان الاني
والبرهان الإنّي على قسمين :
١ ـ أن يکون الأوسط معلولاً للاکبر في وجوده في الاصغر لا علة عکس (برهان لم) کما لو قيل في المثال المتقدم : «هذه الحديدة متمددة وکل حديدة متمددة مرتفعة درجة حرارتها». فالاستدلال بالتمدد على ارتفاع درجة الحرارة استدلال بالمعلول على العلة. فيقال فيه : انه يستکشف بطريق الإن من وجود المعلول على وجود العلة فيکون العلم بوجود المعلول بوجود المعلول سببا للعلم بوجود العلة. فلذلک يکون المعلول واسطة في الاثبات أي علة للعلم بالعلة وان کان معلولا لها في الخارج. ويسمي هذا القسم من البرهان الإنّي (الدليل).
٢ ـ أن يکون الأوسط والاکبر معاً معلولين لعلة واحدة فيستکشف من وجود احدهما وجود الآخر فکل منهما اذا سبق العلم به يکون العلم به علة للعلم بالآخر ولکن لا لأجل ان احدهما علة للآخر بل لکونهما متلازمين في الوجود لاشتراکهما في علة واحدة اذا وجدت لا بد أن يوجدا معا فاذا علم بوجود احدهما يعلم منه وجود علته لاستحالة وجود المعلول بلا علة واذا علم بوجود العلة علم منها وجود المعلول الآخر لاستحالة تخلف المعلول عن العلة. فيکون العلم على هذا بأحد المعلولين مستلزما للعلم بالآخر بواسطة.
وليس لهذا القسم الثاني اسم خاص. وبعضهم لا يسميه البرهان الإنيّ بل يجعل البرهان الإنيّ مختصا بالقسم الاول المسمي بالدليل ويجعل هذا القسم واسطة بينه وبين اللمي. فتکون اقسام البرهان ثلاثة : لميّ وإنيّ وواسطة بينهما.
وفي الحقيقة ان هذا القسم فيه استکشافان واستدلالان : استدلال بالمعلول على العلة المشترکة ثم استدلال بالعلة المشترکة على المعلول الآخر کما تقدم ففيه خاصة البرهان الإنيّ في الاستدلال الاول وخاصة البرهان اللمّي في الاستدلال