الثاني. فلذا جعلوه واسطة بينهما لجمعه بين الطريقتين. والاحسن جعله قسما ثانيا للإنيّ کما صنع کثير من المنطقيين رعاية للاستدلال الاول فيه. والامر سهل
ـ ٥ ـ
الطريق الاساسي الفكري لتحصيل البرهان
عند العقلاء قضيتان أوليتان لا يشک فيهما الاّ مکابر أو مريض العقل لانهما اساس کل تفکير ولم يتم اختراع ولا استنباط ولا برهان بدونهما حتي الاعتقاد بوجود خالق الکائنات وصفاته مرتکز عليهما. وهما
١ ـ (ان کل ممکن لا بد له من علة في وجوده). ويعبر عن هذه البديهة أيضا بقولهم : (استحالة وجود الممکن بلا علة).
٢ ـ (کل معلول يجب وجوده عند وجود علته). ويعبر عنها ايضا بقولهم : (استحالة تخلف المعلول عن العلة).
ولما کان اليقين بالقضية من الحوادث الممکنة فلا بد له من علة موجبة لوجوده بناء على البديهة الاولي. وهذه العلة قد تکون من الداخل وقد تکون من الخارج.
(الاول) ان تکون من الداخل. ومعني ذلک ان نفس تصور اجزاء القضية (طرفي النسبة) علة للحکم والعلم بالنسبة کقولنا : «الکل اعظم من الجزء» وقولنا : «النقيضان لا يجتمعان». والبديهتان اللتان مرّ ذکرهما في صدر البحث أيضا من هذا الباب فان نفس تصور الممکن والعلة کاف للحکم باستحالة وجود الممکن بلا علة ونفس تصور الممکن والعلة کاف للحکم باستحالة وجود الممکن بلا علة ونفس تصور العلة والمعلول کاف للحکم باستحالة تخلفه عن علته. فلا يحتاج اليقين في مثل هذه القضايا الى شيء آخر وراء نفس تصوّر طرفي القضية. ولذا تسمي هذه القضايا بـ (الاولية) کما تقدم في بابها لانها اسبق من کل قضية لدي العقل. ولاجل هذا قالوا ان القضايا الاوليات هي العمدة في مباديء البرهان.
(الثاني) ان تکون العلة من الخارج. وهذه العلة الخارجة على نحوين :
١ ـ أن تکون احدي الحواس الظاهرة او الباطنة وذلک في المشاهدات