لا جلها وجد الشيء وتکوّن کالجلوس للکرسي والسکني للبيت. ومثال أخذ الغاية في البرهان قولهم : «لم أنشأت البيت؟ فيجيب : لکي اسکنه» و«لم يرتاض فلان؟ فيجاب : لکي يصح». وهکذا.
ـ ٨ ـ
تعقيب وتوضيح في اخذ العمل حدودا وسطي
لا شک انما يحصل البرهان على وجه يجب ان يعلم اذهن بوجود المعلول عند العلم بوجود العلة اذا کانت العلة على وجه اذا حصلت لا بد أن يحصل المعلول عندها. ومعني ذلک ان العلة لا بد أن تکون کاملة تامة السببية والاّ اذا فرض حصول العلة ولا يحصل عندها المعلول لا يلزم من العلم بها العلم به.
وعليه يمکن للمتأمل ان يعقب على کلامنا السابق فيقول : ان العلة التامة التي لا يتخلف عنها المعلول هي الملتئمة من العلل الاربع في الکائنات المادية أما کل واحدة منا فليست بعلة تامة فکيف صح ان تفرضوا وقوع البرهان اللمي في کل واحدة منها؟
وهذا کلام صحيح في نفسه ولکن انما صح فرض وقوع البرهان اللمي في واحدة من الاربع ففي موضوع تکون العلل الباقية مفروضة الوقوع متحققة وان لم يصرح بها فيلزم حينئذ من فرض وجود تلک العلة التي أخذت حدا أوسط وجود المعلول بالفعل لفرض حصول باقي العلل. لا لأنه يکتفي باحدي العلل الاربع مجردة في التعليل ولا لأن الواحدة منها هي مجموع العلل بل لانها حسب الفرض لا ينفک وجودها عن وجود جميعها فتکون کل واحدة مشتملة على البواقي بالقوة وقائمة مقامها. ولنتکلم عن کل واحدة من العلل کيف يکون فرض وجودها فرضا للبواقي فنقول :
أما العلة الصورية فانه اذا فرض وجود الصورة فقد فرض وجود المعلول بالفعل لأن فعلية الصورة فعلية لذيها فلا بد مع فرض وجود المعلول ان تکون العلل کلها حاصلة والاّ لما وجد وصار فعليا.